والوجه الثاني- أنه لا يشترط في المساقاة ضربُ مدة الإجارة، ولكن لو ضُربت فيها مدة الإدراك، كفى، وذلك بأن يقول: ساقيتك لتعمل إلى صرام النخيل، وذلك أنّ الغرض من المعاملة تحصيلُ هذا المقصود، والسعيُ في تتمته (?)، وهذا يحصل بما ذكرناه. ثم هذا القائل لا يمنع تأقيت المساقاة بمدة الإجارة، ولكن يشترط ضربَ مدة يجري فيها إدراكُ الثمار لا محالة، إن لم تفسدها [الجوائح] (?).
ثم إن شرطنا الإعلامَ بالسنة والشهور، كما في الإجارة والأجل، فلا كلام، وإن صححنا هذه المعاملة بناءً على إدراك الثمار، فلو قال رب الأشجار: ساقيتك سنةً، والتفريع على أن المعاملة تكتفي بسنة الإدراك. فالسنة المطلقةُ محمولةٌ على ماذا؟ فعلى وجهين: أحدهما- أنها محمولة على السنة العربية. والثاني- أنها محمولة على سنة الإدراك.
وسيكون لنا التفات على تفريع الوقت مرة أخرى، إذا خُضْنا في بيان الأعمال المطلوبة من العامل المساقَى.
هذا مقدار غرضنا الآن في ذكر المدة.
4994 - ولو اختار مالكُ الأشجار طريقَ الاستئجار على الأعمال، جاز؛ إذا كانت الأعمالُ معلومةً، ويتعين إذ ذاك [الإعلامُ] (?) بمدة الإجارة، وليكن الأجرُ من غير الثمار إذا أنشئت المعاملةُ على صيغة الإجارة وحقيقتها. ولو قال: استأجرتُك، وذكر إعلاماً في المدة يصلح للبابَيْن، ولكنه أثبت للعامل جزءاً من الثمار، فالمذهب فساد الإجارة. ومن أصحابنا من قال: لا ننظر إلى اللفظ وننظر إلى المعنى، ولا يبعد استعمال لفظ الإجارة في معاملة المساقاة. وقد قدمنا لذلك نظائر. وسنعود إلى هذا، إن شاء الله.
وقد انقضى الآن ما نطلبه في هذا الركن، وهو التعرض لإعلام المدة.