رضي الله عنه: أما أنا فقد قدمت من عند رجلٍ هو أحب إليَّ من نفسي التي بين جنبي، على قومٍ هم أبغض إليَّ من القردة والخنازير، فقالوا: إذاً لا يمكنك أن تعدل بيننا، فقال: أما حبي إياه لا (?) يحملني على الميل إليه، وبُغضي إياكم لا يحملني على الحيف عليكم، فخرص عليهم مائة ألف وَسق، فقالوا: أجحفت بنا يا بن رواحة، فقال: إن شئتم، فلكم، وإن شئتم فلي، معناه: إن شئتم سلمتُ الجميع إليكم، وتضمنون نصيب المساكين، وإن شئتم سلمتم الجميع إليّ، وأضمن لكم نصيبكم، فقالوا: هذا هو العدل الذي قامت به السموات والأرض. قيل: لما رفعت تلك الثمار، لم ينتقص مما كان قال بعشرة أوسق.
ولأصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه أسئلة وعنها أجوبة مذكورة في الخلاف.
4987 - وأول ما نرى تصديرَ الكتاب به ذكر أربعة عقودٍ متقاربة في الصور مختلفةٍ في الحكم، يصح من جملتها عقدان ويفسد عقدان: وهي المقارضة، والمساقاة، والمزارعة، والمخابرة، أما القراض، فقد وضح القول فيه، والمساقاة صحيحة، وقد عبرنا عن تصويرها، وسيأتي تفصيل أركانها، إن شاء الله عز وجل.
والمزارعة، والمخابرة عقدان فاسدان. أما المزارعة فهي أن يعامل مالك الأرض رجلاً على أن يزرعها ببذرٍ لرب الأرض، وللعامل بعض ما يخرج منها، وهي استئجار الزراع ببعض يخرج من الزرع، فالمعاملة فاسدة.
والمخابرة أن يدفع الأرض إليه ليزرعها ببذر نفسه على جزء من الزرع يشرطه المالك للأرض. والعبارة عن المخابرة إنها استئجار الأرض ببعض ما يخرج منها.
قال الشافعي رضي الله عنه: لم نردّ إحدى سنتيه بالأخرى. أشار إلى أن القياسَ التسويةُ بين المساقاة والمزارعة في الجواز والمنع، ولكن السنة فرقت بينهما ووردت بتجويز المساقاة وبالمنع من المخابرة. روي عن ابن عمر رضي الله عنه قال: كنا نخابر أربعين سنة لا نرى بذلك بأساً، حتى ورد علينا رافعُ بنُ خَديج فأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة فتركناها بقول رافع (?). واستدل بعض الفقهاء