فلا هو أطلق تفويضاً إلى العامل، ولم يجزم أيضاً. وهذا كما قال الشافعي: لو ساقاه على أنه إن سُقي النخيلُ بماء السماء، فله الربع، وإن سقاه بالنضح، فله الثلث، لم تصح هذه المساقاة، للترديد.
قال القاضي: الحكم بالصحة محتمل مع هذا الترديد، فإنه لو عيّن أحدَ النوعين، وفيه متسع كما ذكرناه، لم يبعد الحكم بالصحة (?)، فإذا ذكرهما على الترديد، فقد زاد العاملَ مزيد بسطة؛ إذ خيّره بينهما، وهذا أولى بالصحة من تعيين أحدهما، وهذا الذي ذكره حسنٌ متجه لا ينساغ عندنا غيره.
4936 - ومن أصحابنا من قال: سببُ الفساد في هذه المسألة أنه أذن له في الشراء دون البيع، وقضية القراض أن يتسلط العامل على البيع إذا حصلت العروض في يده بالشراء، والذي يحقق هذا المحملَ في كلام المزني أنه قال: "كان فاسداً، لأنه لم يبين، فإن اشترى، فجائز، وله أجر مثله، وإن باع، فباطل؛ لأن البيع بغير أمره" (?). وهذا ظاهرٌ من النص أن البيع غير مستفاد بحكم الإذن. وهذا وجهٌ من الفساد لا سبيل إلى إنكاره؛ فإن عماد عمل العامل على الشراء والبيع، وهما طرفا (?) التجارة وركناها.
ونحن نقول في ذلك: إن صرح [المالك] (?) بالأمر بالشراء والنهي عن البيع، فهذا مفسدٌ للقراض، ثم حكمه اختصاصُ المالك بالربح، وردُّ العامل إلى أجر مثل عمله.
ولو تعرض للتسليط على الشراء، ولم يذكر التسليطَ على البيع، لانفياً ولا إثباتاً، فهذه صورة المزني، والقول في ذلك ينقسم: فإن قال: تصرّف في هذه الدراهم، واشتر بها، ولم يذكر لفظة المضاربة والمقارضة، وأثبت الشراء، ولم يتعرض للبيع، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن إطلاق الأمر محمول على التسليط