فمنهم من قال: ما ذكره المزني من ذكر (الهرَوي) و (المرْوي) تنويعٌ منه للكلام، وفرضٌ للصورتين، مع ترديد الحكم فيهما. وليس ذلك الترديد من كلام المتعاملين، والمعاملةُ مفروضة مع الجزم في (الهروي) أو (المروي)، وإذا كان كذلك، فقد حكم المزني بفساد القراض، فَمَحْملُ (?) الفساد في (?) مراده عند بعض الأصحاب أنه لم يُضف النصفَ إلى مستحقه، بل أطلق، وقال بالنصف. وقد قدمنا في بعض أركان القراض، أن رب المال لو قال: قارضتك على أن لك النصف، فالظاهر صحة [هذا] (?) اللفظ. وإن قال: على أن لي النصف، ولم يتعرض لإضافة النصف الثاني إلى العامل، ففي المسألة وجهان. واختيار المزني أن القراض لا يصح.
فإذا قال: قارضتك على أن تشتري الثيابَ الهروية بالنصف من الربح، فليس فيه إضافة إلى العامل، ولا إلى المالك، فلم يصحح المزني المعاملةَ.
وإذا كنا نجري على هذا التأويل، فالأكثرون من الأصحاب يخالفونه في الفساد، ويذهبون إلى صحة المعاملة؛ فإن المذهب الصحيح أنه لا فصلَ بين أن يسمي الجزءَ لنفسه، أو للعامل، ولعل إطلاقَ نسبة النصف (?) أولى بالصحة من إضافة النصف إلى المالك. وإذا كانت الجملة بين شخصين، فبيان نصيب أحدهما بيانٌ لنصيب الثاني، قال تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُث} [النساء: 11]، فكان في تعيين الثلث للأم تعينُ الباقي للأب.
4935 - ومن أصحابنا من قال: ذكْر (الهروي) و (المرْوي) ترديدٌ في صيغة العقد، من جهة العاقد، فكأنه قال [له] (?): تصرف في الهروي أو المروي: إن شئت في هذا، وإن شئت في ذلك، وإن اخترت التصرف في أحدهما، فلا تتصرف في الآخر. فقال الأصحاب: سببُ الفساد ترْكُ الجزم وترديد لفظ المعاملة على النوعين،