إلا الجمعَ بين المعاملتين. وقد ذكرتُ في (الأساليب) (?) طريق الجمع، وحظُّ المذهب (?) منه: أنه يكثر في الناس ملاك النخيل الذين لا يحسنون العملَ عليها، [وإن أحسنوه، لم يريدوا تعاطيه، وفوائد النخيل تتعلق بعمل المتفقِّدين وتعهد القائمين عليها] (?) ولن يحرص العامل على توفية العمل، حتى يكون له حظٌّ من الثمار، وهذا المعنى يتحقق في الاتِّجار، فإنه يقلّ في الناس من يستقلّ بمعرفة التجايرِ (?) والكَيْس فيها، فكانت المقارضة مَرْفقاً بين مَنْ لا مال له، وبين من لا علم له بالتجارة.

وقال قائلون: مستند الإجماع في القراض حديثُ عبد الله وعبيد الله ابني عمر، قيل: رجعا من غزوةِ (نهاوند) فمرّا بالعراق، وعليها أبو موسى الأشعري، فقال: إني أريد أن أصلَكما بشيء، وليس في يدي ما أصلكما به، وإنما معي مائة ألف درهم من مالِ بيت المال، أدفعها إليكما، اشتريا بها سلعة، وتبيعانها بالمدينة وتردّان رأس المال على أمير المؤمنين، والربحُ لكما، فأخذاها، واشتريا بها من أمتعة العراق، فربحا عليها بالمدينة ربحاً كثيراً؛ فقال لهما عمر: أَوَ أسلف كلَّ الجيش مثلَ ما أسلفكما؟ فقالا: لا. فقال: أنْ كنتما ابني أمير المؤمنين، لا أراه فعل ذلك إلا لمكانكما مِنِّي! رُدَّا الربحَ في بيت المال، فسكت عبد الله بنُ عمر، وراجع عبيد الله أباه، وقال: يا أمير المؤمنين أليس لو تلف، لكان من ضماننا؟ فقال: بلى، فقال عبيد الله: الربحُ لنا إذاً، أشار إلى أن الخراج بالضمان، فسكت عمر، ثم قال مِثلَ قوله الأول، فراجعه عُبيد الله ثانياً، وأعاد قوله الأول، فقال عبدُ الرحمن بنُ عوف: لو جعلته قراضاً على النصف يا أمير المؤمنين، فأخذ منهما نصفَ الربح، وترك النصف في أيديهما (?) وتعلق العلماء بقول عبد الرحمن: لو جعلته قراضاً، وقالوا: التقريرُ على ذلك، والعملُ بحكمه يدل على أن القراض كان معلوماً فيهم. وليس في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015