يحلف عليه، ثم لا يخفى حكم ابتداء الدعوى، وعرض اليمين مرة أخرى، كما ذكرناه.

ولست أشك أن ابن الحداد لم يُرد إلا ما قاله الأصحاب، ولكنه أوجز الكلام فيما لم يكن مقصوداً له. وقدْرُ غرضه ما ذكره من أن اليمين لا ترد على المشتري إذا نكل أحدهما، ثم جرى في كلامه أن الشفيع الثاني يأخذ، فقال: نعم، جميع الشقص إذا حلف. ولم يتعرض لتفصيل القول في وقت حلفه.

فرع:

4839 - إذا مات رجل، وخلف داراً وابناً، وخلَّف من الدين مثلَ نصف قيمة الدار، فإذا بيع نصف الدار في الدَّيْن، فهل للابن أخْذ ما بيع بالملك الذي بقي في الدار؟ ترتيب المذهب فيه أن هذا يخرّج على أن الدَّيْن في التركة هل يمنع ثبوت الملك للوارث في عين التركة؟ فعلى قولين، سنذكرهما في الوصايا، إن شاء الله.

أصحهما -وهو الجديد- أن الملك يثبت للورثة، وإن كانت التركة مرتهنة بالدين. والمنصوص عليه في القديم أن الملك لا يثبت للورثة في جزءٍ من التركة، مع بقاء جزءٍ من الدين.

فإن قلنا: التركة ملك الورثة، فإذا بيع بعض الدار في الدين، فلا شفعة للابن الوارث. فإن الذي بيع من الدار كان ملكَه، ومَن بِيع جزءٌ من ملكه بحقٍّ، لم يملك استرجاعه بالشفعة. وإنما وضْعُ الشفعة على جلبِ ملك الغير.

وإن حكمنا بأن التركة ليست مملوكة للورثة مع الدين، وإنما هي مبقاة على ملك الميت، فالبيع يصادف ملك الميت. فهل تثبت الشفعة للوارث؟ هذا يترتب على أمرٍ، وهو أن الدين إذا كان ألفاً وقيمة الدار ألفان، فنقول: الباقي على ملك الميت مقدار الدين، أم جميع التركة، من غير نظر إلى مقدار الدين؟ وهذا مما اختلف الأصحاب فيه، وله أصل سيأتي إيضاحه، إن شاء الله في التركات، من كتاب الوصايا.

فإن قلنا: لا يملك الوارث شيئاًً من التركة؛ فلا شفعة في هذه الصورة أيضاً؛ فإن النصف الذي يبقى للورثة إنما يخلص له مع نفوذ البيع في النصف المبيع، وحق الشفعة إنما يستحق بملكٍ يتقدم على البيع الذي هو محل استحقاق الشفعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015