للمشتري خيار المجلس في ذلك المكان الذي جرى التسليم فيه؛ فإنه مقهور فيما يجري، والجمع بين الاقتهار وإثبات الخيار محال (?).
وهل يثبت للشفيع خيار المجلس، حتى يثبت له ردُّ الشقص، واسترداد الثمن؟ فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - أنه لا خيار له؛ فإنَّ حكم خيار المجلس أن يتعلق بشخصين، فإذا انتفى الخيار عن المشتري، فيبعد أن يثبت للشفيع. والثاني - أنه يثبت؛ فإن هذا جريان ملك جديد، بحكم عقد بيعٍ، فلا يخلو عن خيار المجلس.
وهذا الخلاف يصدر عن قاعدة يتفرع منها مسائل في خيار المجلس، وهي أن خيار المجلس هل يتصور أن يثبت في أحد الشقين؟ أو هل يتصور أن يبقى في أحد الشقين، مع بطلانه في الشق الآخر؟ فيه تردّدٌ واختلافٌ بين الأصحاب، مضى استقصاؤه في أول كتاب البيع.
فإن قلنا: لا يثبت الخيار للشفيع، فلا كلام.
وإن قلنا: يثبت الخيار له، فالأمر موقوفٌ على مفارقته ذلك المكان. فلو فارقه المشتري، ففي انقطاع الخيار بمفارقته وجهان: أحدهما - أنه ينقطع بمفارقته؛ فإنه الذي ملك عليه، وإن لم يكن له خيار، فهو بمثابة ما لو ثبت خيار المجلس من المتبايعين، فأسقط أحدهما خيار نفسه، وبقي الخيار للثاني، ثم فارق الذي أبطل (?) خيار نفسه المجلسَ.
ومن أصحابنا من قال: لا يبطل خيار المجلس بمفارقة المشتري؛ فإنه لم يثبت له حظٌ في الخيار أصلاً، فلا معنى لاعتبار [فراقه] (?). هذا إذا بذل المشتري الثمن.
ثم إذا قلنا: لا ملك في زمان الخيار، فيتفرع على هذا أن الملك لا يحصل ببذل الثمن، ما لم ينقطع خيار المجلس، وهذا لا يخفى دركه على من فهم مأخذَ الفقه، وإن حصل الملك في الشقص للشفيع برضا المشتري، فالأمر على ما وصفناه في خيار المجلس.