اعتباراً بجملة عقود المعاوضات، ولكن الشفيع متخير بين الأخذ والترك، فإذا جرد قصدَه وأكُد بالقضاء، وجب الحكم بالملك له.
ومن أصحابنا من قال: لا يحصل الملك دون بذل الثمن، أو رضا المشتري، كما قدمنا؛ فإن الشراء أوجب الملك للمشتري، وحق الشفيع ثابت إلى أن نتبيَّن طلبه أو إسقاطه، فلو كان الملك يحصل له، لحصل بنفس العقد على حكم تخير، ثم كان يسقط إن لم يُرِدْه، ويستقر إن أراده. ولا خلاف أن الأمر لا يكون كذلك.
هذا ذكر كلام الأصحاب على الإجمال، والبيان منتظر في سياق الكلام بعدُ.
4723 - فإن قلنا: لا يحصل ملك الشفيع بجريان القضاء بثبوت حق شفعته، فلا كلام. وإن قلنا: يثبت ملك الشفيع في الشقص بنفوذ القضاء له، فلو أشهد الشفيع عدلين على طلبه، فهل يثبت له الملك بنفس الإشهاد؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه لا يثبت؛ فإن الإشهاد دون القضاء، لا يستقل بالإفادة؛ إذ لا حكم أولاً لصورة الشهادة، ما لم تتصل بمجلس الحكم. وإنما الذي يجري من الشفيع تحميل الشهود [الشهادة] (?) حتى يندفع عنه الانتسابُ إلى التقصير، وإن ادعي عليه تقصير، أغنته شهادة الشهود عن الحلف.
والوجه الثاني - أنه يثبت الملك بالإشهاد، ذكره صاحب التقريب، وحكى عن الأصحاب أن الشفيع إذا أشهد، لم ينفذ بعد ذلك تصرّفُ المشتري في الشقص. ثم قال بانياً على هذا: إذا امتنع نفوذ تصرف المشتري، كان السبب فيه جريان ملك الشفيع في الشقص المشترى.
هذا تأسيس الكلام فيما يقتضي ثبوتَ الملك للشفيع في الشقص على الجملة.
4724 - وها نحن الآن نتطلع إلى حقيقة الفصل، ونذكر ما عندنا فيه إن شاء الله عز وجل.
فنقول: إن وفر الثمن على المشتري، فلا خلافَ في ثبوت الملك، ثم لا يثبت