ولكن هل يحل له المقضيُّ به باطناً لاتصال الحكم بقضاء القاضي؟ فعلى وجهين.
وهذا يطّرد في نظائرِ ذلك. كالحكم بالتوريث بالرحم (?) ونحوه. وسنذكر هذا الأصل وسرَّه في كتاب الدعاوى، إن شاء الله، فحمل الشيخ أبو علي ما نقل عن ابن سريج من لفظه المبهم في شفعة الجوار على ما ذكرناه من اتصال الأمر بقضاء القاضي.
ولفظُ ابن سريج أنه قال: "لو قضى قاضٍ بشفعة الجوار نفذتُ قضاءه"، ثم قال: "وقضيت بشفعة الجوار". وظاهر كلامه يشعر بما ذكره الشيخ، كأنه قال: قضاء القاضي بالشفعة نافذ، وأنا أقضي بتنفيذ قضائه.
4696 - فإن قلنا: تثبت الشفعة فيما لا ينقسم، فلا كلام، وإن خصصنا ثبوت الشفعة بما يقبل القسمة -وهو ظاهر المذهب- فالقول فيما ينقسم وما لا ينقسم يأتي مستقصىً في كتابٍ متعلق بالدعاوى والبينات، ولكنا نذكر هاهنا ما يقع الاستقلال (?) به فنقول:
المذهب الصحيح أن المعتبر فيما يقبل القسمة، وفيما لا يقبلها أن يبقى جنس المنفعة الثابتة حالة الاشتراك لكل حصةٍ، بعد المفاصلة، والإفراز. فإن كان الملك المشترك ينتفع به مسكناً، فلتكن كل حصة بحيث يتصور اتخاذها مسكناً. ثم هذا القائل لا يشترط بقاء ذلك الجنس على ذلك الوجه؛ فإن كل حصة، أضيق من جملة المسكن، فالنظر إلى أصل المنفعة لا إلى قدره (?). والحمّام على هذا غير منقسم، فإنه لو فصل وقسم قسمة الدور، لم يكن كل قسم منتفعاً به الانتفاع الذي كان، فكذلك القول في الأَرْحية، وما في معانيها.
هذا هو الذي إليه الرجوع فيما يقبل القسمة وفيما لا يقبل.
وذكر الأصحاب وجهين بعيدين، لا معول عليهما سوى ما ذكرناه: أحدهما - أن شرط ما ينقسم ألا تؤدي القسمةُ إلى حطيطةٍ بيّنة في الحصصِ المفرزة، حتى إذا كانت