ومن أثبت الشفعة فيما لا يقبل القسمة من العقارات المشتركة، فالشفعة عنده معلّلة بالضرار الذي يتعرض الشريك له من تضييق المداخل، ولم يكن إلى دفع ذلك سبيل عند استمرار الشركة؛ فإذا أراد أحد الشريكين بيعَ نصيبه، فينبغي أن يخلِّص شريكه مما كان بصدده من تضييق المداخلة، فإذا لم يفعل ذلك، فباع من آخر، أثبت الشرعُ للشريك صرفَ ذلك إلى نفسه، ليتوفر على البائع حظُّه، ويندفعَ الضرار.
4695 - فإن قيل: هلا قلتم: لا يعلل ثبوت الشفعة، والمتبع فيه الخبر؟ قلنا: اتفق القياسون على تعليلها، ثم الأصول المعللة لو تتبعت، لأُلفيت كذلك، ولو طُرّق إليها منعُ التعليل، لانحسمت مسالك النظر. و [بالجملة] (?) لسنا ندّعي أن ما يعلل من الأحكام تشهد العقول لعللها، ولكن يفهم الناظر عن علم تارة وبظن أخرى أن الشارع أثبت الحكم المعلوم بسبب، ثم إذا غلب ذلك على الظن، فلا يكون المعنى المظنون إلا مخصوصاً. وهذا يطرد في كل معنى اتفق القياسون عليه، فالشفعة معتمدها درءُ ضررٍ مخصوص.
ثم ما رآهُ الشافعي صحيح على السبر، وما اعتمده أبو حنيفة (?) في إثبات شفعة الجار معلوم في نفسه، لا يبعد في مأخذ الشرع تعليق الحكم بمثله. ولكنه باطل على السبر في نفسه، كما يذكره الخلافيون (?).
فقد عاد عقد المذهب إلى مسلكين في تعليل الشفعة، وانتظم منه أن العلة ما أشرنا إليه، ومحلها البيع الجديد.
وحكى صاحب التقريب عن ابن سُريج أنه مال إلى القول بإثبات الشفعة بالجوار.
وهذا غريب، لم يحكه عن ابن سريج غير صاحب التقريب.
وذكر الشيخ أبو علي عن ابن سريج لفظاً، وحمله على محملٍ نذكره، فقال: إذا قضى حنفي بشفعة الجار، لشافعي، فلا معترض على الشافعي في ظاهر الحكم،