صاحب الثوب بتبقية الصبغ، وأبى الغاصب، وطلب أن يفصل صِبغه، فإن كان لا ينتقص الثوب بفصله، فهو مجابٌ إلى ما يريد من فصل الصبغ؛ فإنه عين ماله، ولا ضرر على صاحب الثوب بفصله، ثم لا نظر إلى قيمة الصبغ، سقطت أو نقصت.
فإن كان فصل الصبغ يؤدي إلى إلحاق نقصٍ بالثوب، بأن كان يرده إلى تسعةٍ، أو ثمانية، ولو ترك الصبغ، اشتري بالعشرين مثلاً، فيعود في هذه الصورة الخلاف الذي حكاه العراقيون: ففي وجهٍ لا يمكَّن الغاصبُ من فصل الصبغ؛ لأنه ليس له في فصله غرض صحيح، وفيه تنقيص الثوب في الحال، إلى أن نفرض جُبران النقصان بالضّمان، وفي وجهٍ يجاب الغاصب إلى ما يريده، ثم إن كان نقصٌ جَبَره. وهذا قياس المراوزة.
ولا يخفى على النّاظر في قياس القواعد أن الوجه ما قطع به المراوزة، وما عداه خبط وتخليط، لا ينضبط فيه رأي، وإنما هو استصلاحٌ محض، لا معوّل عندنا على مثله.
ثم قد أَدَرْنا في تفصيل الكلام تصويرَ نقصان الصبغ إذا فُصل، وتصوير سقوط قيمته على رأي العراقيين في تخريج الوجهين، فالذي يقتضيه فحوى كلامهم أن الخلاف يختص بسقوط قيمة الصبغ، أو سقوط معظمها عند تقدير الفصل. فالذي يقتضيه القياس مع التزام أصلهم أنه إذا كان الصبغ المفصول يسقط من قيمته ما لا يتغابن الناس في مثله بالإضافة والنسبة إلى ترك الصّبغ في الثوب، فيطّرد الخلاف، حتى لو كان الثوب المصبوغ يساوي عشرين، وحصة الصبغ منها عشرة، وكان الصبغ لو فصل يساوي تسعة، فالدرهم الناقص مما لا يتغابن الناس في مثله، فيظهر من فصل الصبغ تخسير معتبر، ويلزم منه طرد الخلاف الذي ذكروه.
4633 - ونحن الآن نُلْحِق بطريق المراوزة وهي اختيار أبي إسحاق المروزي -فيما حكاه العراقيون- تفريعَ حكم آخر، فنقول: إذا كان مالك الثوب يملك إجبار الغاصب على فصل صبغه، وكان الغاصب يتعب بفصله مثلاً، فقد ذكرنا أنه مجبر عليه، فلو قال: تركت الصبغ على مالك الثوب نِحْلة وهبةً، فلا تطالبوني بتكليف فصله، فكيف السبيل في ذلك؟ ذكر الأئمة وجهين: أحدهما - أن صاحب الصبغ يجاب إلى