ثم قالوا: لو لم يطلب الغاصبُ فصلَ الصِّبغ، فلصاحب الثوب أن يجبره على الفصل، مَصيراً إلى تفريغ الثوب عنه، ثم لا نظر إلى القيمة، كما ذكرناه.

ثم قالوا: إذا فصل الغاصب الصّبغ، بإرادته واختياره، أو فصله بإجبار مالك الثوب إياه، فإن كانت قيمة الثوب بعد فصل الصبغ كقيمته قبل استعمال الصِّبغ، فلا كلام، والثوب مردود على مالكه، وإن نقصت قيمة الثوب بعد فصل الصِّبغ، عن قيمته قبل استعمال الصبغ، فعلى الغاصب أرشُ النقصان؛ لانتسابه إلى العدوان في استعمال الصبغ ابتداءً. هذا والأمر مفروض في فصل الصبغ.

فإن تراضيا على بيع الثوب مصبوغاً، فالقول في الثمن والحالة هذه، كالقول فيه إذا كان الصبغ معقوداً.

هذا طريق المراوزة.

وقال العراقيون: إن أمكن فصلُ الصبغ من غير نقصانٍ في قيمة الصبغ، فللغاصب الفصل، ولمالك الثوب الإجبارُ عليه.

وإن كان الصبغ المنفصل لا يساوي شيئاًً، أو كان يساوي مقداراً نزراً، بالإضافة إلى قيمة الصبغ قبل الاستعمال، وكان الغاصب الذي هو صاحب الصبغ يبغي أن يُبقي الصبغ، ولا يزيله؛ حتى لا يحبطَ ملكُه، أو لا يخسر خسراناً مبيناً، وليقع التصوير فيه إذا كان الثوبُ المصبوغ يساوي عشرين، فصاعداً، والصبغ لو فصل، لما كانت له قيمة، أو كانت نزرة. فإذا أراد الغاصب ألا يفصل، وأراد صاحب الثوب أن يُلزمه الفصلَ، وإن كان الفصل يؤدي إلى تخسيره، قال العراقيون: في المسألة وجهان: أحدهما - أنه لا يُجبَر الغاصبُ على إزالته، بل يُجبر مالكُ الثوب على تبقيته، ويكونان شريكين في الثوب. قالوا: وهذا اختيار ابن سريج، ووجهه أن صاحب الثوب متعنت، في تكليف الغاصب إزالة الصبغ؛ وليس يتعلق بهذا غرض صحيح.

والوجه الثاني - أنه يُجبر على الإزالة إذا طلب مالك الثوب. قالوا: وهذا اختيار أبي إسحاق المروزي، وابنِ خَيْران، وتعليلُه ما ذكرناه في طريق المراوزة.

هذا إذا طلب مالك الثوب فصلَ الصبغ، ولم يرض به الغاصب. فأما إذا رضي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015