4624 - ومما يتم به غرض الفصل: أن العبد المغصوب إذا مات فإن كان رآه المقومون، فلا شك أنهم يعتمدون عِيانهم في الشهادة على قيمته، وإن لم يره المقوّمون، فأراد مالك العبد أن يقيم شهوداً على صفاته، وحِلْيته، وصورته، ورام أن يعتمد المقومون تلك الصفات، ويبنوا التقويم عليها، فليس له ذلك، وليس للمقومين اعتمادُ الصفات التي يشهد بها العدول. والسبب فيه أن ما يعتمده التقويم لا يدخل تحت ضبط الواصفين؛ فإن المعتبر الأظهر الذي تختلف القيم به لا يدخل تحت الوصف؛ فإن القيمة تختلف بالملاحة، ولطف الشمائل، وغيرها، ممَّا يدِق مُدركُه.
فإن قيل: ألستم صححتم السلم في الحيوان اعتماداً على الوصف، ثم استقصاء الأوصاف مقصود في السلم؟ قلنا: قد ذكرنا في كتاب السلم أن الإسلام في الحيوان يضاهي أبواب الرخص، ولا يشترط فيه من استقصاء الصّفات، ما يشترط في سائر الأجناس. وقد مهدت في ذلك أصولاً في كتاب السلم، والقدر الذي يقع الاكتفاء به هاهنا أن مبنى السلم على تنزيل المسلم فيه على أقل مراتب الصفات، والاكتفاء بأول المنازل، ولا يتصور بناء التقويم على هذا؛ فإن المقوّم يحتاج إلى الاطلاع على النهايات ليبني ظنه عليها في التقويم. وهذا واضحٌ، لا خفاء به.
وحكى صاحب التقريب قولاً غريباً أن التقويم يقع بأوصافٍ، تنزيلاً على الأقل كالسلم. وهذا بعيدٌ غير معتدٍ به.
وإن ذكر الغاصب في إقراره بالغصب أوصافاً للمغصوب، وقال: كان المغصوب مورّدَ الخدين، أزجَّ الحاجبين، نجلاءَ العينين، أكحلهما، مستدقَّ الأنف، وارد الأَرْنبة (?)، رقيق الشفتين، مديدَ القامة، حسن الهامة، مكلثمَ (?) الوجه، مستطيلَ الجيد (?)، عريض الكتف، [مخصّر] (?) الوسط، نادر الرِّدْفِ (?)،