اشتراط التعرض للإبراء عن ضمان العدوان، حتى تخرّجَ المسألة على الخلاف.

وهذا عندي زلل، فليس إلية الإبراء. [فإن] (?) كان الرضا بالدوام قاطعاً سبب الضمان، نازلاً منزلة الإذن في الابتداء، فذاك. وإن كان الرضا بالدوام لا يتضمن انقطاع سبب العدوان، فالإبراء عن الضمان لا معنى له؛ فإن الضمان قد يجب بسبب تردي من ليس من مالك الأرض بسبب، والإبراء عن حق الغير قبل ثبوته محال تخيله؛ فإنه بعد الثبوت لا ينفذ، فما الظن بتصحيح مطلَقه (?) قبل الوقوع.

وهذه المسألة لا تصفو عن شوائب الفكر إلا بذكر تمام الغرض فيه، فنقول: مهما قلنا: يكبس الغاصب، ويطم، فحق عليه أن يطم؛ فإن هذا إزالةُ سبب العدوان، ولا أثر فيه على هذا الوجه للرضا، ولا خِيرةَ في إزالة سبب العدوان. وإن بعد نظر الفقيه عن هذا، فسببه ضعفُ هذا الوجه؛ فإن الظاهر أن دوام الرضا من المالك ينزل منزلة الابتداء.

4616 - ونحن نستتم الآن تفصيل القول في ذلك بذكر مقدمة مقصودة في الفصل، ثم نعود بعدها إلى إكمال البيان، فنقول: لو نقل الغاصب مقداراً من التراب، من الأرض المغصوبة، من غير فرض احتفارٍ، فالتراب مملوك. وإذا كان متشابه الأجزاء، فهو من ذوات الأمثال، فإن بقي عينه، فللمغصوب منه تكليفُه ردَّ عينه إلى المكان الذي أخذ منه.

ولو قال للغاصب الناقل: رضيت بأن تتركه، ولا تعيدَه، نظر: فإن كان الغاصب نقله إلى ملك نفسه، أو نقله إلى ملك غيره متعدياً، أو نقله إلى شارع المسلمين وضيق به على الطارقين، وقد يكون نصبه منضَّداً في الشارع سبباً لضمان من يتعثر به، ففي هذه المواضع ينقل التراب إلى الأرض المغصوبة؛ فإن له أغراضاً صحيحة في النقل، فإنه بين أن يفرّغ ملك نفسه، وبين أن يفرغ الشارع، أو يفرغ ملك غيره، وقد كان اعتدى بالنقل إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015