فعلى المزيل الأرش. ثم لو فرض الوطء بعد ذلك، تعلق به مهر ثيب. فإن أزال الغاصبُ البكارة بالوطء، فقد جنى، ووطىء. فالتفصيل فيه أن يُنظر: فإن كان مهرُ بكرٍ لو ضبط مبلغه، ثم قيس به أرش بكارة ووطء تلك بعد الثيابة، لما اختلف المقدار، فلا فرق بين أن يقول القائل على الواطىء مثلُ مهر بكرٍ، وبين أن يقول: عليه أرش العُذرة ومهرُها بعد الثيابة؛ فالإجمال والتفصيل في هذا سواء. وما عندي أنه يتصور في هذا تفاوت.
فإن فرض فارض تفاوتاً، وكان إفراد المهر عن الأرش أكثر من مهر بكرٍ، فيجب على الغاصب التزامُ تلك الزيادةِ لا محالة. فإنّ باب ضمان الغاصب على التغليظ وإيجابِ الأقصى.
4582 - وإن وطىء الجارية وأحبلها، والمسألة مفروضة في الجهالة، فالولد ينعقد حراً. ثم إن انفصل حياً، فعليه قيمةُ الولد وقت انفصاله، فنقدره رقيقاً ونوجب قيمتَه؛ فإنه باغتراره فوَّت الرق، فكان كما لو فوت الرقيق. هذا إذا انفصل حياً.
فأما إذا انفصل ميتاً، فلا يخلو: إمَّا أن ينفصل بنفسه ميتاً من غير جناية جانٍ، أو ينفصل بتقدم جناية يُحمل الانفصال عليها. فإن انفصل بلا جناية، فلا ضمان أصلاً؛ فإنه لم تتحقق جناية، ويجوز أن الروح لم تنسلك فيه. ولو كان رقيقاً، لكان لنا فيه تفصيل، كما سنذكره في ضمن التقاسيم. وعند ذلك نفصل بين الحر والرقيق إذا انفصل بجناية جانٍ، فيجب على الجاني والجنينُ حر مسلم غرَّةٌ: عبدٌ أو أمة، كما سيأتي في آخر الديات، إن شاء الله تعالى.
ثم يجب الضّمان على الغاصب؛ لأن الجنين انفصل مضموناً، فلم يكن كما إذا انفصل من غير جنايةٍ ميتاً. والعبارة عن غرضنا في ذلك: أن الجنين إن يقوّم له، يقوم عليه؛ فإن الأبدال تحل محل المبدلات، وتخلُفها عند عدمها، فكأن الجنين انفصل حياً إذا استعقب خروجه ضماناً، فإذا ثبت أصل الضمان، فالنظر بعد ذلك في المقدار الذي يضمنه الغاصب للمغصوب منه.
4583 - وقد اختلفت الطرق في ذلك، ونحن نذكر طريقةً مرضية، ونتخذُها