الوقت المعتبر وجهان: أحدهما - أنه وقت القبض. وهذا مزيف عند المحصّلين في العارية. والثاني - أنه وقت التلف، وهو الصحيح؛ فإنّه في اعتبار وقت القبض إدخال الأجزاء التي تسحق بالبلى تحت الضمان، وإذا اعتبرنا يوم التلف، خرجت الأجزاء عن الاعتبار. ونخرّج في المقبوض على حكم البيع الفاسد الصادر من المالك قولاً في أنه يضمن ضمان الغصُوب، أو يضمن من غير تغليظٍ. فإن قلنا: لا يضمن ضمان الغصوب، فالأصح أنه يعتبر يوم القبض؛ إذ ليس في هذا ما أشرنا إليه في العاريّة من ضمان الأجزاء.
وذكر شيخي في المقبوض عن البيع الفاسد أنه يضمن بقيمته يومَ التلف. ولم أرَ هذا لغيره.
فهذا ما تفترق فيه العاريّة والمقبوض على حكم البيع الفاسد.
ثم لو فرض ولدٌ في يد القابض عن الفاسد، فضمان الولد خارج على القولين، كما ذكرناه في ولد العاريّة. وضمان المنفعة أيضاً يخرّج على القولين، يعني منفعة تلفت (?) تحت اليد. فإن استوفاها المشتري، ضمنها لا محالة. وليس كالمستعير؛ فإنه مأذون له في الانتفاع. والمأخوذ بالسوم في كيفية الضمان كالمأخوذ عن البيع الفاسد من غير تفاوت. فالعاريّة إذا باينت هذه النظائر على قولنا: لا يثبت ضمان الغصب في الوقت المعتبر في القيمة، فلا شكَّ أنها تباين النظائر في المنافع؛ فإن وضعها لإباحة المنافع.
هذا قسم أجريناه، وليس مقصودَ الفصل، ولكن اشتمل التقسيم عليه، فذكرناه.
4581 - فأمَّا المشتري من الغاصب، فالقول فيه يستدعي تقديمَ أحكامٍ في الغاصب نفسه، فنقول: الغاصب إذا وطىء المغصوبة، فلا يخلو إمّا أن يكونا عالمين أو جاهلين، أو أحدهما عالم، والآخر جاهل: فإن كانا جاهلين، فلا حد عليهما للشبهة، وعلى الغاصب المهرُ للمالك: إن كانت ثيباً التزم مهر ثيب، وإن كانت بكراً، فلا شك أن الوطء يتضمن إزالة البكارة والبكارة لو أزيلت بخشبةٍ أو أصبع،