وأتلف الأصل، وجب القطع بتضمينه [مثلَ] (?) ما أتلف، ولا يجوز تخيل خلاف في هذا. فأي فرق بين وقوع الإتلافين معاً، وبين ترتب أحدهما على الثاني؟
والوجه الثالث - أنا نقابل الأصل بالجنس تمسكاً بقياس الضمان في إتلاف المثليات، ثم ننظر، فإن لم يكن نقد البلد من جنس الأصل، فهو المطلوب، فنوجب قيمة الصنعة بنقد البلد. وإن اتفق كون نقد البلد من جنس الأصل، أوجبنا في الأصل المثلَ، وملنا في قيمة الصنعة عن النقد الغالب، وأوجبنا جنساً آخر يخالف جنسَ الأصل. فإن كان الأصل من الفضة قابلناها بالفضة، وأثبتنا أرش الصنعة ذهباً، سواء كان نقد البلد ذهباً، أو لم يكن. فإن كان الأصل ذهباً، قابلناه بالذهب وأوجبنا قيمة الصنعة دراهم، سواء كان النقد دراهم أو لم يكن.
4563 - وأنا أذكر حقيقة هذا القول في المباحثة التي أبتديها الآن. فكأن صاحب الوجه الأول الذي هو على ظاهر النص، يجتنب صورة الربا، ويقدر ما يقابل المصنوع ثمناً (?) له، فكل ما يجوز أن يكون ثمناً في البيع لذلك المطبوع، يجوز أن يكون بدلاً له في الإتلاف، وما لا يجوز تقديره ثمناً لا يجوز تقديره بدلاً في الإتلاف. ويخرج من هذا وجوب الحيد عن جنس المتلف في أصله وصنعته، ومضمون هذا الوجه ترك القياس في مقابلة المثليات بأمثالها. والحامل على ذلك اجتناب صورة الربا. وإذا قيل لهذا القائل: الصنعةُ متميزة عن المصنوع، لم يقبل ذلك، وجعل الصنعة بمثابة الجزء من المصنوع، ولم يرها مستقلة بنفسها؛ فإن الإتلاف جرى فيهما معاً.
وأما صاحب الوجه الثاني، فقاعدته طرد القياس كما مضى. وإذا ألزم حكم الربا، قال: ليست قيمة المتلف على قياس عوض البيع، كما سبق تقريره. ومعتمد هذا القائل اعتقاد تميز المصنوع عن الصنعة.
وصاحب الوجه الثالث لا يخفى عليه أن مقابلة ما يزن مائة درهم بمائةٍ ودنانيرَ على صورة الربا، لكنه يبغي (?) أن يفصل بين الصنعة، وبين الأصل. ثم قاعدته: أن الربا