فإذا أتلف الرَّجُل مصوغاً محترمَ الصنعة، من النُّقْرة، وزنه مائة، وقيمته بحسن الصنعة مائة وخمسون، ففيما يلتزمه المتلِف أوجه: أحدها - أنه يضمن الأصل، والصنعة، بغير الجنس. فإن كان من الذهب قوّم بالفضة مصنوعاً، وإن كان من الفضة قوم بالذهب. ونصُّ الشافعي دال على هذا في كتاب الصداق. وهذا القائل يعدل عن جنس المتلف حتى لا يقابل ما وزنه مائة بمائةٍ وزيادة. والتماثل واجبُ الاعتبار في الجنس الواحد من أموال الربا.

والوجه الثاني - أن المتلف يضمن الأصل بالجنس، والصنعة بنقد البلد، حتى إن كان من الذهب، والنقد في البلد الذهب يغرَم الأصلَ، وتقوم الصنعة بالذهب. فإن كان النقد الذهب، والمصنوع من الفضة، غرِم الأصلَ بالفضة، والصنعةَ بالذهب.

وهذا الوجه منقاسٌ حسن، والمعتبر فيه مقابلة الأصل بالمثل، فإنه من ذوات الأمثال، وتقوم الصنعة بنقد البلد.

وهذان قياسان لا سبيل إلى دفعهما؛ فإن من أتلف التبر، ضمن مثله، ومن أفسد الصنعة ولم يفوّت التبر غرِم أرش النقص من نقد البلد، فإذا اجتمع تفويت التبر وإفساد الصنعة، لزم اطّراد القياسين.

ثم إذا قيل لصاحب هذا الوجه: ما قلتَه يؤدي إلى صورة الربا؛ فإن زنة المصنوع مائة، وقد قوبل بمائةٍ وخمسين، إن كان النقد من جنس الأصل، وإن لم يكن من جنسه، فبيع مائةٍ بمائة، ودنانير. فكيف الخلاص والحالة هذه؟ كان من جواب هذا القائل: إن التماثل إنما يُرعى في البيع، وليس ما نحن فيه من البيع بسبيل، والصنعة والأصل متلفان، يقابل كل واحد منهما بالبدل الذي يقتضيه الشرع، وليس هذا (1 من التقابل في شيء؛ فإن غرامة البدلين بعد فوات الأصل، فلشى هذا 1) من التقابل الجاري في البيع، فإن التقابل إنما يتحقق بين موجودين. فإذا زالت صورة التقابل، زال التعبد برعاية التماثل.

والذي يحقق ذلك أنه لو أفسد الصنعة أولاً، وغرم الأرش من نقد البلد، فلو عاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015