الجزاء. وإن قلنا: لم يزل ملكه، لم يلزمه الإرسال، وتصح منه إعارته. فإذا استعار المحرم صيداً من الحلال، فتلف في يده غرِم القيمةَ للمالك، والجزاء لله تعالى.
فرع:
4505 - ليس للمستعير أن يؤاجر المستعارَ؛ فإنه ليس مالكاً للمنافِع، والإجارة تمليك، فلا يتأتى منه أن يملك ما لا يملك، والمنافع في حق المستعير مباحة لا يثبت له فيها ملكٌ.
وهل للمستعير أن يعير من غير إذن المالك؟ فعلى وجهين: أصحهما - أنه لا يجوز ذلك؛ فإن المالك خصصه بالاستباحة، فلم يكن له إحلالُ غيره محلَّ نفسه، كما إذا قدم الإنسان طعاماً إلى الضيف ليأكله، فليس له أن يُبيحه لغيره، حتى قال العلماء: لا يحل له أن يُلقي لقمةً إلى هرةٍ إلا أن تدل القرائن دلالةً ظاهرة أن صاحب الطعام سلط الضيف على جميع هذه الجهات.
وسيأتي شرح ذلك في باب الوليمة، إن شاء الله تعالى.
فصل
قال الشافعي: "ولو قال: أكريتُها إلى موضع كذا، بكذا ... إلى آخر الفصل" (?).
4506 - إذا أخذ الإنسان الدابة من مالكها ليركبَها، ثم اختلفا، فقال المالك: أكريتُك هذه الدابة بأجرة مسماةٍ، ذكرها، وقال الراكبُ: ما أكريتني، بل أعرتنيها، فلا تخلو الدابة إما أن تكون قائمةً، أو تالفةً: فإن كانت قائمة، فلا يخلو إما أن يقع النزاع على الاتصال بالعقد قبل مضي مدّةٍ لمثلها أجرة، وإمّا أن يتفق النزاع بعد مضي المدة التي ادعى المالك أنها مدة الإجارة، ولو انقضى بعض المدّة، لانتظم ما نحاوله في هذا القسم. ولكنا نفرض الكلام في انقضاء المدة بكمالها.
فإذا انقضت والنزاع كما ذكرناه، فقد تحقق باتفاق المالك والراكب أن انتفاع الراكب كان بإذن المالك، ولكنهما تنازعا، فادّعى الراكبُ أنه أباح له المالك المنفعة من غير عوضٍ، وادعى المالك عوضاً، فالقول قول من؟