3959 - ثم يعرِض في منتهى الكلام أمرٌ يجب إنعام النظرِ فيه. وهو أنا إذا أثبتنا للمكتري حقَّ المضاربة بأجرة المنفعة المستحقة، فإذا بأنت حصته في تقدير المضاربة، فصرْفُ ذلك المقدارِ إليه بمثابة صرفِ مقدارٍ من قيمة المسلم فيه إلى المسلِم. وهذا اعتياضٌ عن المسلم فيه.
3960 - وقد اختلف أصحابنا في الإجارة الواردة على الذمة هل تنزل منزلة السلم حتى نرعى فيها ما يُرعى في السلم من وجوب تسليم الأجرة في مجلس العقد، أم كيف السبيل فيه؟ وسيأتي شرح ذلك في كتاب الإجارة، إن شاء الله تعالى.
فإن جعلنا الإجارةَ الواردة على الذمة بمثابة السَّلم، وهو الصحيح، فلا سبيل إلى ترك حصة المكتري -النازل منزلة المُسْلِم- عليه من القيمة (?)؛ فإن ذلك اعتياضٌ عن المسلم فيه.
ثم إن كان المقصود أمراً لا يتبعض، مثل أن يقول: تحملني إلى بلدة عيّنها، فالحمل إلى بعض الطريق قد لا يفيد، أو، (?) ربما يكون الموضع المقدَّر مهلكة، فإذا تحقق التعذر، وامتنع الاعتياض، فلا وجه إلا تخيير المكتري في الفسخ، وإذا فسخ العقد، ضارب الغرماء بقيمة الأجرة التي كان بذلها، وقد يتجه عُسرٌ إذا كان المسلَم فيه ثوباًً؛ فإنه إذا خصّه عشرُ القيمة، فلا يجد به عشرَ ثوب، فإذا ظهر تعذرٌ يجر نقيصةً وخسراناً، ثبت الخيار، كما ذكرناه.
وإن كان ألزم ذمة المكري حملَ مائة منٍّ إلى بقعة، وكان حَمْلُ البعضِ مُفيداً على قدره، صرفنا القيمة التي (?) خصته إلى البعض.
والجملةُ أن التبعيض إن أمكن من غير تعذر، صرفنا حصة المضاربة إليه. وإن عسر، أو تضمن التبعيض نقصاً، ثبت الخيار، لا طريقَ غيرُه. ولا وجه لتمليك القيمة، والتفريع على أَنَّ الإجارة سلمٌ.