المكرَى، فنبيعه في ديونه، ولو كانت قيمته تنقص لمكان الإجارة، لم نبال بنقصانها. فإذا اتفق بيعُ الدار المكراة، وصرْفُ ثمنها في حقوق غرماء المكري، وانفصل الأمر، وانطلق الحجر، والإجارة باقيةٌ، فلو انهدمت الدار في بقية المدة، وقضينا بأنفساخ الإجارة، وكان المكتري وفَّى الأجرة كاملة، فيثبت له حق الرجوع بقسط من الأجرة لانفساخ الإجارة في بقية المدة. وهذا الحق يثبت جديداً مترتباً على الانفساخ الواقع بالانهدام. فهل لهذا المكتري أن يزاحم الغرماء الأولين فيما اقتسموه بينهم، وتضاربوا به؟ فعلى وجهين: ذكرهما العراقيون أحدهما - أنه لا يزاحمهم؛ لأن دينه متجدد حادث بعد القسمة، وفضّ المال على الغرماء، فلا يثبت لأصحاب الديون الجديدة مزاحمةُ القدماء من الغرماء.
والوجه الثاني - أن المكتري يزاحمهم مزاحمةَ غريم يبدو [أخِراً] (?) ونتبين استحقاقَه لدَيْنه متأخراً بتاريخ سابق لاستحقاق الأولين ديونَهم حالة المزاحمة. ووجه ذلك أن الرجوع وإن ثبت الآن، فهو مستند إلى موجَب عقد سابق، وهو الإجارة. فإذا كان رجوع المكتري مستنداً إلى الإجارة السابقة، كان حقه بمثابة دين سابق يبدو.
وكل ما ذكرناه فيه إذا كانت الإجارة واردة على العين وقد أفلس المكري.
3958 - فأما إذا كانت الإجارة واردة على ذمة المكري، وما كانت ربطت بعين، وهذا كالتزام المكري نقلَ مقدار مبيّنٍ من طعامٍ أو غيره، من بقعة إلى بقعة، فهذا لازمٌ ذمةَ المكري، فإذا أفلس وفي ذمته ما وصفناه، لم يخلُ: إما إن كان سلّم دابةً إلى المكتري ليحمّلها الطعامَ المذكور. وإما إن لم يكن سلم إلى المكتري شيئاًً.
فإن لم يكن سلم إليه شيئاًً، فالذي في ذمته دينٌ من الديون. فإن كان عِوضُ الإجارة باقياً، وقد أفلس المكري، فللمكتري الرجوع إلى العوض الذي صادفه باقياً. وإن كان العوض تالفاً، ضارب المكتري الغرماءَ بأجر مثل ما استحق من المنفعة، على القياس الذي ذكرناه في رجوع المسلِم، إذا أفلس المسلم إليه.