ولكنه -بفضل الله- طوّف بالمكتبة الإسلامية والعربية تطواف محب عاشق، لا متعجّل أو مُكرَه، فعرف أمهات المصادر والمراجع في كل الفنون تقريباً، وبالصبر والمصابرة سَلِسَ له قيادها، ولان له عصيّها، وانفتحت له مغاليقها، وانكشفت له مُعْوِصاتها، فصار يحسن التلقِّي منها، ويجيد الأداء عنها، فاستكمل بذلك عُدة الباحث، وملكة المحقق.
وإني أضرع إلى الله سبحانه أن يديم عليه نعمة خب العلم، وعشق البحث، وأن يوفقه لخدمة تراث أمتنا العظيم، الذي صار من أكثر الناس له عشقاً.
كما أسأله سبحانه أن يجزيه خير الجزاء على ما قدّم لنا من عون في إخراج هذا الكتاب؛ فقد وفر لنا أوقاتاً ثمينة، وساعات غالية بتنقيره وتنقيبه عن مسائل الخلاف في كتب المذاهب الأخرى، وعن متون الحديث، حينما يعزّ الوصول إليها في المراجع القريبة والمواضع المعهودة.
كما أسأله سبحانه أن يوفقه لإخراج ما بين يديه من كنوز مذهب إمامنا الشافعي والله خير معين وناصر.
...
ثم بعد،،،
أستعير من إمام الحرمين قوله في خطبة هذا الكتاب، فأقول: "إن هذا العمل هو على التحقيق نتيجة عمري، وثمرة فكري في دهري".
كما أستعير منه ما قاله حين عجب من نقد (الصيدلاني) لشيخه (القفال) فيما لا يستحق النقد، فتضرع إلى الله قائلاً: " نسأل الله تعالى حسن الإعانة، وتقييض منصفين ينظرون في مجموعنا هذا، وهو ولي التوفيق ".
ومن كل من ينظر في عملنا هذا نرجو دعوةً لنا بظهر الغيب، وأن يهدي إلينا عيوبنا، وأن يلحق بالكتاب ما يتاكد لديه من تصويبات.
أما الذي يسرف على نفسه وعلينا بالعيب والطعن، وتتبع المعايب والمثالب،