والوجه الثاني - أنه لا يسري؛ لأن العبد بجملته مملوك للراهن، فلا يحمل عتقُه على مذهب السريان، بل إن نفذ التنجز، فذاك. وإلا فلا نفوذ. وهذا يعتضد بأن الراهن هو الذي حجر على نفسه، فليس له التسبب إلى مناقضة الحجر. ولا يلزم عليه ما لو باع النصف من عبده؛ فإن ذاك ليس حجراً، إنما هو خروج منه في المبيع عن رتبة الملاّك. ولو نفذنا سريان عتقه على الأصح، فإنْ وجّه العتقَ على المرهون قصداً، وقال: أعتقت ما رهنت من هذا العبد، فالوجه القطع برد عتقه، إذا كان التفريع على الرد.

ثم قال المحققون: إذا رأينا تنفيذ سريان العتق في صورة الوجهين، فنقطع بالفصل بين الموسر والمعسر؛ فإن سبب نفوذ هذا قياسُ السراية، وقياس السراية في مذهب الشافعي يقتضي الفصْلَ بين الموسر والمعسر، كما سيأتي في كتاب العتق.

وأما إعتاق المشتري العبدَ في يد البائع على قولنا بثبوت حق الحبس، فقد مضى مفصلاً. ولا شك أن عتق المشتري أولى بالنفوذ من عتق الراهن؛ فإن حق الحبس في المبيع لم يثبت بعقدٍ مقصود في إثبات الحجر، والرهنُ عقد متضمنه حجر مقصودٌ على المالك.

هذا كله بيان القول في إعتاق الراهن.

3561 - ونحن نبتدىء بعد ذلك التفصيل في استيلاده.

فنقول: إذا أقبض الجارية المرهونة -إن صححنا رهن الجواري، كما سيأتي، وهو الأصح- فإذا استولدها الراهن بعد انبرام الرهن: أما الولدُ فلا شك في انعقاده حراً؛ فإنه لا حق للمرتهن في ولد المرهونة رقيقاً فُرِض أو حراً، ولا يغرَم قيمة الولد؛ لما ذكرناه من انقطاع حق المرتهن عن الولد، والمهر لا ريب في أنه لا يلزم؛ فإنه عوض منافع البضع، ولا حق للمرتهن في المنافع.

والكلام وراء ذلك في ثبوت الاستيلاد.

3562 - وقد خرّج الأئمة نفوذ الاستيلادِ على الأقوال المتقدمة في نفوذ العتق، ثم رأَوْا أن يرتبوا الاستيلادَ، ويجعلوه أولى بالنفوذ؛ من قِبَل أنه فِعْل، والأفعال بعيدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015