والصفة اجتمعا في دوام لزوم الرهن، وكانا كتنجيز العتق، ولو وُجدت تلك الصفة بعد انفكاك الرهن، ففي المسألة خلافٌ، والأصح النفوذ إذا كان لا يفضي الحكم بالنفوذ إلى إبطالِ حق المرتهن.
ومن أصحابنا من قال: لا يصح التعليق أصلاً، كما لا يصح التنجيز. وهذا يقرب من خلاف الأصحاب فيه إذا قال العبد لزوجته: إن دخلت الدار، فأنت طالق ثلاثاً. ثم عَتَقَ العبدُ، فدخلت الدار، ففي وقوع الطلقة الثالثة خلاف. وبين القاعدتين فرق؛ فإن العبد لو قال لزوجته: إن عَتَقتُ، فأنت طالق ثلاثاً، جرى الخلاف في هذه الصورة.
ولو قال الراهن: إذا انفك الرهن، فهذا العبد حر، نفذ العتق بعد انفكاكه.
والفارق أن الطلقة ليست مملوكة للعبد، ومحل العتق مملوك للراهن. وسبب امتناع العتق حق المرتهن؛ إذ لو أَذِن، نفذ العتق.
فهذا ما أردناه.
3559 - ولو علق عتق عبده بصفة، ثم رهنه، فوجدت الصفة بعد لزوم الرهن، ففيه اختلاف مشهور. وللمسألة نظائر، يجمعها أن الاعتبار بحالة التعليق، أو بحالة وجود الصفة. وعليه يخرّج خلاف الأصحاب في أن الصحيح إذا علق عتق عبد بصفة، ثم مرض مرض الموت، ووجدت الصفة، فالعتق من رأس المال، أو هو محسوب من الثلث؟ فيه خلاف مشهور. وسيأتي أصل ذلك وفرعه في كتاب الوصايا، إن شاء الله تعالى.
3560 - ومما يتفرع على العتق أن الرجل إذا رهن نصفاً من عبد مملوك له، واستبقى منه نصفاً، فالرهن صحيح. فلو أعتق النصفَ الذي لم يرهنه، نفذ العتق فيه. وفي سريان العتق إلى النصف المرهون على القول الذي نفرع عليه وجهان: أصحهما - النفوذ؛ فإن العتق إذا كان يسري من الملك إلى [ملك الغير] (?)، فلأن يسري إلى محل حق (?) الغير أولى.