بعني عبدك هذا بألف، فقال البائع: بعته منك بالألف، فما تقدم من الاستيجاب واستدعاء الإيجاب هل يكفي؟ وهل يحل محل التصريح بالاشتراء والقبول؟ فيه قولان وترتيبُ نصوص سنذكرها في موضعها. فإن قلنا: الاستيجاب لا يكفي، فلا كلام. وإن قلنا: الاستيجاب يكفي في البيع، فإنه كاف في الرهن أيضاً.
فعلى هذا إذا قال البائع: بعتك هذه الدار بألف درهم بشرط أن ترهنني ثوبك، فقال: اشتريت ورهنت. فقوله بشرط أن ترهنني هل ينزل منزلة قوله بعت منك بألف وارهنِّي ثوبَك؛ فيه تردُّدٌ. والأصح في القياس ما ذكره القاضي. وإن كان الأشهر غيره.
فصل
قال: " ولا معنى للرهن حتى يكون مقبوضاً ... إلى آخره " (?).
3524 - لا يلزم الرهن دون القبض، خلافاً لمالك (?) -رحمه الله- وهذا الخلاف مطرد معه في الهبة والعارية المؤقتة. والتأجيل في القرض واعتبار الرهن بالهبة قريب؛ من قِبل أن كل واحد منهما تبرع، والمتبرع قد يتعرض للندم، والمعاوضات تبعد عن إمكان الندم. ثم جعل الشارع لما ذكرناه من توقع الندم منتهى ومَردّاً، وهو القبض، ولسنا نتمسك بهذا المعنى تمسك من يقصد الاستقلال به، بل مقصودُنا تشبيه الرهن بالهبة، وهو ظاهر.
ثم المعتمد في الهبة حديمث لأبي بكر -رضي الله عنه- في ذلك، سنذكره في كتاب الهبات، إن شاء الله تعالى.
ثم قال الشافعي: " حتى يكون مقبوضاً من جائز الأمر حين رهَنَ، وحين أقبض ... إلى آخره " (?).