بَابُ التَّسْعِير

وهل ينادي منادي الإمام في البلد، ويأمر بسعرٍ مقدرٍ في جنس حتى لا يتعدَّوْه؟

3508 - فنقول: ليس للإمام هذا في رخاء الأسعار وسكون الأسواق؛ فإنه حجرٌ على الملاك، وهو ممتنع. فأما إذا غلت الأسعار، واضطر الناسُ، فهل يجوز للإمام أن يسعّر؟ فيه وجهان مشهوران: أحدهما - المنع طرداً للقياس الكلي. والثاني - الجواز، نظراً إلى مصلحة العامة. وقد روي: " أن عمرَ بن الخطاب -رضي الله عنه- مر بحاطب بن أبي بلتعة، وبين يديه غَرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعره، فَسَعَّر مُدَّين بدرهم فرآه عمرُ غالياً، وقال: " حُدّثتُ بعِيرٍ مقبلة من الطائف تحمل زبيباً، وهم يعتبرون بسعرك، فإما أن ترفع في السعر، وإمَا أن تدخل زبيبك البيتَ، فتبيعه كيف شئت " (?). وأراد برفع السعر الزيادة في وزن الزبيب.

ومن منع التسعير احتج بما روي عن أنس أنه قال: غلت الأسعار بالمدينة، وقلنا: يا رسول الله لو سعرت لنا! فقال عليه السلام: " إن الله هوَ المسعر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله تعالى وليس لأحد منكم مظلمة في دم ولا مال " (?) وأما حديث عمر فقد روي أنه كان يحاسب نفسه كل ليلة بما جرى له في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015