نعم، هذا ما نراه من الواقع الثقافي لعلماء الأمة -مع اعترافنا بعلمهم وفضلهم- وما نراه من الدعاة وقادة العمل الإسلامي - مع تقديرنا لجهادهم وتضحياتهم، إن هؤلاء وهؤلاء يسلّمون بتلك المقولة التي صارت إحدى دعائم ثقافتنا، وأعني بها: " القول بأن الإسلام لم يُطَبَّق إلا في عصر الراشدين، بل إن الانحراف بدأ منذ عصر الخليفة الثالث " هذه المقولة تجدها صريحةً حيناً، وبين السطور حيناً، حتى إنك لتجد العلمانيين والملاحدة الذين يناوئون الدعوة إلى الإسلام يَجْبَهون الدعاة والعلماء بما في كتبهم، وما سطروه بأيديهم: قائلين لهم: أيَّ إسلام تريدون؟ إسلام عثمان بن عفان!! الذي رتع في مال الأمة وأباحه لبني أمية، ونفى أبا ذرٍّ رضي الله عنه، وأَرْكبَ قبيلته بني أمية رقابَ العباد، فجعلهم الولاة، والقادة، وخَزَنَة بيت المال.
أم تريدون إسلام معاوية وعمرو بن العاص الذي خدع أبا موسى الأشعري يوم التحكيم، أم تريدون إسلام يزيد الذي أباح المدينة لجنوده، وضرب الكعبة وهدمها بالمنجنيق، وقتل الحسين؟؟
أم تريدون إسلام أبي العباس السفاح؟ أم إسلام هارون الرشيد وليالي ألف ليلة وليلة؟ ... إلخ.
ولا يجد الإسلاميون جواباً!! كيف!! وهذه المعاني مبثوثة في كتبهم، ودائرة على ألسنتهم!!
وعندما يُفحمون ويسقط في أيديهم يلجؤون إلى جوابٍ يظنون أنه ينفعهم ويخرجهم من ورطتهم؟ فيقولون: " إن الإسلام يحكم على البشر، والبشر لا يحكمون على الإسلام، فنحن لا ندعو إلى إسلام الأمويين، ولا إلى إسلام العباسيين، وإنما ندعو إلى الإسلام الصحيح الثابت في القرآن والسنة ".
ولكن هذا يرتد إلى نحورهم بداهةً، فيقال لهم: ما أشد غروركم، إذا كان الصحابة، والجيل الأول خير القرون قد عجزوا عن تطبيق الإسلام، فكيف تستطيعون أنتم تطبيقه؟؟ نريد مناهج قابلة للتطبيق؟ شيوعية، اشتراكية، ليبرالية، رأسمالية.
هكذا يتكلم العلمانيون وأعداء الحل الإسلامي. والإسلاميون -علماؤهم ودعاتهم - ينقطعون، ولا يُحيرون جواباً.