* من المشاركة في المؤتمرات والندوات، وفيها الذِّكْر والصِّيت، ولقاءُ الأعلام، ووراءها ما وراءها، وناهيك عن الأضواء والفلاشات.

* وكذلك المشاركة في التلفزة -بعد أن أخذتُ من ذلك بنصيب- وكنت مندفعاً في تياره، إلا أنني أمسكت وتماسكت سريعاً، ثم أحجمت وامتنعت امتناعاً جازماً.

* أما الصحف والمجلات، فلم يكن لنا فيها إلا أنَّةُ المكلوم، ونَفْثةُ المصدور، نشارك بها أحياناً: صرخة في وجه تزييف، أو كشفاً لتضليل، أو ردّاً لانحراف.

* ولكني مع ذلك -بحكم النشأة في العمل الإسلامي- لم أغب عن هموم أمتي ومتابعة ما يجري من حولي؛ فكم من مرة كنت أتناول بطاقة لأسطر عليها صرختي وآهتي، وأبثها مواجعي وآلامي، ثم أضعها جانباً، ولا أهيئها للنشر؛ لابدّ للمكروب أن يتأوّه.

* بل شغلت بهذا الكتاب عن قضية من أخطر قضايانا الفكرية، وأعني بها هذا الخلل العتيد في فهم تاريخ أمتنا؛ فعندي أنه ما لم يصحح الدعاة وقادة العمل الإسلامي، وعلماء الأمة، أقول: العلماء والدعاة وقادة العمل الإسلامي، ما لم يصحح هؤلاء فهمهم لتاريخ الإسلام والمسلمين، فلن تستقيم الأمة على طريق.

وليس في هذا الكلام أدنى مبالغة، فالذي يحرِّك الأمة ويقودها، ويضيء لها الطريق هو ثقافتها، ولا ثقافة بغير تاريخ.

وعندي في هذا الموضوع الكثير الكثير مما يصحح أخطاء وأكاذيب تعلمناها وصارت عندنا بدهيات ومسلمات، وما زال الدعاة والعلماء يرددونها، ويتخذونها مرتكزاً لأفكارهم، ومنطلقاً لآرائهم، ومستنداً لأحكامهم.

بل الأدهى من ذلك أن هذه الأكاذيب والأغاليط التاريخية شكّلت وِجدانَ هؤلاء العلماء، وصاغت عواطفَهم، لم يَنْجُ من هذا أحد "إلا من رحم ربَّك وقليلٌ ما هم". وويلٌ للعقل من العاطفة، "حبك الشيء يُعمي ويُصم" رواه أبو داود وسكت عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015