والذي يجب التنبه له أن دم الإحصار إذا أجريناه على قياس الدماء، فهو دم جبران، وسببه التحلل عن الإحرام قبل أوانه، فإذا (?) كان كذلك، تعذر ربط (?) التحلل بإراقة الدم؛ فإن الإراقة موجَبُ التحلل، فليتصور تحلّلٌ موجِب لها اعتباراً بكل موجِب وموجَب في الكفارات، ثم لو وفَّيْنا هذا الأصلَ حقَّه، لجعلنا تقديمَ الإراقة على التحلل، بمثابة تقديم فدية الأذى على الحلق. وفي جواز ذلك وجهان، ذكرناهما فيما سبق.
فهذا على تشبيه دم الإحصار بدماء الجبرانات.
ولكن التحلل عن الإحرام من غير سببٍ مشكلٌ، وأسباب [التحلل] (?) كلُّها ممتنعة في حق المحصر، فأُثبت الدمُ في إفادة التحلل حالاًّ محلَّ أسباب التحلل، في حق المستمر على نظم النسك من غير صدّ.
ولا ينبغي أن يُعتقد أن دم الإحصار بدلٌ عما صُدَّ المحصرُ عنه؛ فإنه مصدود عن الأركان في الحج، والأركان لا بدل لها. ولو كان الدم بدلاً، لوجب أن يقال: الشارع في حج الإسلام إذا صدّ، فتحلل، يسقط عنه فرض الإسلام؛ لأنا نحل الدم محل ما تعذر. وليس الأمر كذلك.
فالوجه على هذا القول أن نقول: الدم سبب تحلّل في حق المحصر المضطر، يفيد ما (?) تفيده أسباب التحلل، فإذا وقع التنبه لما ذكرناه، ولأجله غمض القول في بدل الدم، فيجب وراء ذلك تنزيل القولين على ما ذكرناه. فمن ألحق دم الإحصار بدماء الجبرانات، قال بتقدم التحلل عليه، وإنما يجب لسبب التحلل، فعلى هذا التحلُّلُ السابقُ على إراقة الدم لا يحصل بفعلٍ من الأفعال.
2850 - وقد يبتدر فهمُ بعض الناس إلى أن التحلل يقع بالحلق، وليس الأمر كذلك؛ فإن القول وإن اختلف في أن الحلق هل هو نسك أم لا في أوان التحلل في