اختلف قول الشافعي في أن دمَ الإحصار هل له بدل أم لا؟ فقال في أحد القولين: له بدل اعتباراً بجميع دماء الجبرانات. وقال في [القول] (?) الثاني: لا بدل له، فإن الدماء التي جرى لها ذكر في كتاب الله تعالى -وهي ذات أبدال- اشتمل الكتاب على ذكر أبدالها جملة، وتفصيلاً، وهي جزاء الصيد، وفدية الأذى، ودم التمتع. ولما ذكر الله تعالى دم الإحصار، لم يذكر له بدلاً، وسنبين في تفصيل الكلام مخالفةَ دمِ الإحصار لما عداه من الدماء.
التفريع على القولين:
2848 - إن قلنا: لا بدل لدم الإحصار، فلا كلام. وإن قلنا: له بدل، ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها - أن بدله كبدل دم الإساءة، فإنه في مقابلة ترك النسك، ودم الإحصار في مقابلة التحلل عن النسك قبل أوانه.
والقول الثاني - أن بدله كبدل دم الحِلاق، من حيث إن الحالق يكفّ الأذى، والمحصر بالتحلل يؤثر الخلاصَ مما هو فيه، إن علم أن الإحرام ليس [يفيده] (?) المقصودَ مع (?) جريان الصد.
والقول الثالث - أن بدله كبدل دم التمتع.
فهذا بيان القول في كيفية الدم وبدلِه.
2849 - ثم نذكر وراء ذلك تحقيقاً مطلوباً، وفيه بيان أصلٍ مستقل، وهو منعطِفٌ على تمام البيان فيما تقدم، فنقول:
المحصر يتحلل، فإن كان يريق الدمَ، فمتى يريقه؟ وبماذا يحصل التحلل؟ للشافعي أولاً قولان: أحد القولين - أنه لا يتحلل قبل الإراقة. والقول الثاني - إنه يتحلل قبل الإراقة إن أراد ذلك.