رئيس قسم وأنا رئيس قسم صحيح لكنه أستاذي، هو في كلية وأنا في كلية أخرى، ولكنه أستاذي، هو لا يملك أن يمنعني من التصرف ولكنه أستاذي.

ثم قال مجاملاً: والله يا عبد العظيم أنا أكثر ألماً منك، ثم تمتم: ليتني ما ذكرت له الموضوع، وفعلاً هزتني هذه الكلمات، وبدأ الغضب الثائر في داخلي ينزاح ويترك مكانه هدوءاً وبرداً وأمناً.

وهنا التمع وجه الدكتور مصطفى قائلاً: اسمع يا عبد العظيم لعل الله أراد بهذا لك خيراً. بل هو بالقطع كل الخير. لن نُضيّع وقتاً، سنتخذ طريقاً آخر، بعيداً تماماً عن هذا الطريق. تذكرُ كتابَ " البرهان في أصول الفقه ". تذْكرُه لا شك. أنت نسختَ لي منه صفحات منذ مدة بعيدة. ما رأيك أن تكون رسالتك تحقيق البرهان؟ وقبل أن أجيب أردف قائلاً: تَذْكُر المقابلات بين نُسخ المخطوطات التي قمتَ بها معاونةً لنا حينما كنّا نحقق كتاب " السِّير الكبير بشرح السرخسي " (?). سيكون العمل ممتعاً لك.

ستتعلم شيئاً جديداً. ستدخل ميداناً رحباً فسيحاً. كل ذلك وأنا في صمتٍ متأمل.

فقال: لماذا لا تتكلم؟ ما رأيك؟ وقبل أن أجيب قال: اعتمد على الله. على بركة الله. الموضوع موضوعي. وعليّ إجازته من مجلس القسم، ابدأ اليوم، فكِّر في خُطة الموضوع والمقدمة والدراسة، اذهب إلى دار الكتب، وجدِّد صلتك (بالبرهان).

وأخيراً وجدت نفسي، فقلت مجيباً أستاذي: على بركة الله. الحمد لله، قدّر الله وما شاء فعل، قلت ذلك باطمئنانٍ، ورضا، وثقة، مما جعل أستاذي يقبل عليّ معانقاً، قائلاً: مبروك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015