ثم من الأصحاب من جعل المسألةَ على خمسة أقوال: ثلاثةٌ منصوصة، وقولان مخرجان.

2319 - التوجيه: من قال: إن استغراق الإغماء يبطل، والإفاقة في لحظة من النهار لا بد منها -وهذا ما نقله المزني- فوجهه أنا لو رددنا إلى قياس النيات وآثارها، اقتضى أن يُشترطَ ذكرُها، وانبساطُها على جميع أجزاء العبادة؛ (1 فإن النية قصد، والقصد الحقيقي هو المقترن بالمقصود، ولكن استصحاب ذكر النية 1) عَسرٌ غيرُ يسير، والغفلات [لا دفْعَ لها] (?)، فاكتفى الشرع رخصةً بتقديم العزم. وإذا لاح ذلك، فلا أقل من [أن] (?) يقع المعزوم عليه بحيث يُتصور القصد إليه، حتى ينزل منزلة ما يقترن القصد به، والمغمى عليه لم يقع إمساكه مقصوداً، حتى يصرف إلى المعزوم عليه، وينزل منزلة المقصود، فإذا استغرق [الإغماء] (?)، فقد عم ما ذكرناه، فإذا وجدت الإفاقةُ في لحظة -والعبادة لا تنقسم- أتبعنا زمان الإغماء زمانَ الإفاقة.

2320 - ثم ينقدح للناظر مراتب: إحداها - الجنون، وهو يسلب حكم الاختيار بالكلية، ويستأصل قاعدةَ التكليف؛ فيعظم أثره، حتى يصير طريان القليل منه مفسداً للعبادة؛ فإنه يكاد يقلب الإنسان عن خاصية الإنسان، ويلحقه بالأحكام البهيمية.

والمرتبة الثانية - الإغماء (?)، وهو تغشية العقل على وجهٍ لا يبقى اختيارٌ في دفعه، ما لم يندفع بنفسه، وليس كالجنون، فاتجه أن نتُبعَ زمانَ الإغماء زمانَ الإفاقة، ونجعلَ مستغرِقه مفسداً.

والمرتبة الثالثة - النوم، وهو مزيلٌ للتمييز، ولكنه معرض للإزالة على قصدٍ فَخفَّ (?) أمرُه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015