وإن قلنا: الوجوب لا يلاقي إلا المخرِج، فلا معنى للتقديم والتأخير. نعم إن عين من قلنا: إنه مؤخر أفسد بتعيينه ما أخرجه، وكان هذا كما لو نوى إخراج الزكاة عن بضاعةٍ له بالريّ، فإذا هي تالفة. وقد أوضحنا هذا في باب نيةِ الزكاة بما فيه أكمل مقنع.
هذا منتهى الفصل تحقيقاً وتلفيقاً والله أعلم.
فصل
2241 - ذكر الشافعي في آخر هذا الباب فصولاً تتعلق بصفات من يلتزم الفطرة، وأحكام من يتحمل عنه الفطرة، ونحن نرتبها على مساقٍ يحويها إن شاء الله تعالى.
فنقول: الغرض ينتجز بالكلام في الصفات المعتبرة فيمن يلزمه إخراج الفطرة [عن نفسه، وفيمن يلزمه إخراج الفطرة] (?) عن غيره، وفيمن تتحمل الفطرة عنه، وإذا عسر التحمل، فكيف الحكم فيه؟
2242 - فأما القول في صفات من يُخرج الفطرة عن نفسه، فلا بد وأن يكون محكوماً له بالإسلام، فليس على الذمي فطرة، ويشترط أن يجد في وقت الوجوب شيئاًً فاضلاً عن قوته، وقوتِ من يمونه.
ثم تردد الأئمة في صفة ملك الشخص، فالذي ذهب إليه الأكثرون أنه لا بد وأن يكون من أهل كمال الملك، وزعموا أنه يراعى في وجوب الصدقة على المرء كمالُ ملكه فيما يخرجه، كما يشترط في وجوب الزكاة كمال الملك في النصاب المزكى، فعلى هذا لا تجب الفطرة على المكاتب في نفسه، كما لا تجب الزكاة في أمواله.
هذا هو المذهب الظاهر، فلا فرق إذن بين الزكاتين، في اشتراط الإسلام، والملك التام، وإنما يفترقان في أن النصاب معتبر في زكوات الأموال؛ فإن الزكواتِ حقوقُها، فاشترط أن تبلغ مبلغاً يحتمل المواساة، وزكاة الفطر حق البدن؛ فاكتفى فيها بالوجود. ثم كما لا تجب الزكاة على المكاتب في نفسه، لا يجب على المولى