غيره على نفسه، ثم إذا تفاوتت الرتب، فكما لا ينقدح التخيير، لا ينقدح الفضُّ والقسمة، فالتخيير والفض قريبان. وقد يجري الفضُّ في مقام آخر سننبه عليه إن شاء الله تعالى.

2239 - فإذ نبهنا على الأصل، فنأتي بما صح فيه النقل. فإذا اجتمع الأب والابن، ففيه أوجه: من أصحابنا من أوجب تقديمَ الابن؛ نظراً إلى تأكد نفقته في الصغر، ومنهم من أوجب تقديم الأب لحرمته، ومنهم من خيّر، والتخيير إن خرج، فله مسلك آخر في هذا المقام، وهو اعتقاد استوائهما في النفقة. ووجه الفضّ ينقدح الآن على مذهب الاستواء إن (?) قدرنا البعضَ مجزئاً، ثم المخيَّر قد يجعل التقسيط من خيرته، ويتجه مع اعتقاد الاستواء إبطال (?) التخيير، وتجويز (?) التقسيط أو إيجابه.

ولو اجتمع الأب والأم، فقد ذكروا أوجهاً أُخَر: أحدها - الأب أولى، والثاني - الأم أولى، لتأكد الوصاية برعايتها، والثالث - هما سواء، ثم يجري التخيير، والفض، على نحو ما تقدم.

ولو اجتمع الأب والأم والابن، جرت الوجوه، وزاد وجهٌ لازدياد العدد، فهذا ما ذكره الأئمة.

والأصل ما ذكرتُه من تنزيل الفطرة أولاً على النفقة، فإن اقتضت النفقةُ ترتيباً، اتبعناه، وإن اختلفا في النفقة، انتظم بحسبه اختلافٌ في الفطرة. وإن اتفق على استواءٍ المرتبةُ، انقدح التخيير، والفض على وجهين: أحدهما على الوجوب، والآخر على الخيرة.

2240 - وقد نجز الفصل، وبقي وراءه غائلةٌ لا بد منها، وهي أنا إن قلنا: الصدقة التي يخرجها المرء عن غيره هو متحمل فيها، والوجوب يلاقي من منه التحمل، فمن آثار ذلك أنه يجب عليه تعيين من يخرج عنه بالقصد، وإن كان لا يجب عليه مراجعته، فهذه استنابة شرعية قهرية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015