فصل
"ولا يُدخل الميتَ قبرَه إلا الرجالُ ... إلى آخره" (?)
1739 - إن كان الميت رجلاً، فلا شك في ذلك، وإن كان امرأة، فالأمر أيضاًً كذلك، ولكن قال الشافعي فيما نقله الصيدلاني: يتولى ذلك زوجها، ومحارمها، وإن لم يكونوا، فعبيدها، فإن لم يكونوا، فخصيان، فإن لم يكونوا، فأرحام، فإن لم يكونوا، فالأجانب.
فأما تقديمه الزوج والأرحام الذين هم محارم، فهو حتمٌ قياساً على الغُسل، وأما ذكره الأرحام، الذين ليسوا محارم، فما أراه محتوماً؛ فإنهم في وجوب الاحتجاب عنهم في الحياة كالأجانب، وفي العبيد -وقد انقطع ملكها عنهم بالموت- احتمالٌ ظاهر. وقد ذكرنا تردداً في غُسل الأمة مولاها. وفي الخصيان احتمالٌ بيّن سيأتي ذكره، في أول كتاب النكاح إن شاء الله تعالى، عند ذكرنا من يحلّ له النظر، ومن لا يحل.
1740 - وغرض الفصل أن النسوة لا يتولَّيْن دفنَ امرأةٍ، والسبب فيه أنهن يضعفن عن مثل ذلك، وقد يؤدي تعاطيهن لهذا إلى انهتاك في الميّتة، وأيضاًً فإنهن ينكشفن في تعاطي ذلك، ورعاية الستر فيهن أوْلى من رعايته في المتوفاة، فإن لم يوجد غيرهن، فإذ ذاك يفعلن عن اضطرار.
ثم ينبغي ألا يتعاطى الدفنَ أقلُّ من ثلاثة، كما تقدم ذكره، فإن زادوا، فقد قيل ينبغي أن يكون عددهم وتراً، ولاستحباب ذلك نظائر في الشريعة، والصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تولى دفنه علي، والفضل، وأسامة، وقد قيل: ممن تولى ذلك عبد الرحمن بن عوف (?)، فإن صح، حُمل تركُ رعاية الإيتار على الجواز.