فصل (?)
1738 - قد ذكرنا أن فرض الصلاة على الميت يسقط بواحد يصلي أو جمع، وأظهرنا الخلافَ في أقله، وقد تردد الأئمة في أن الفرض هل يسقط بصلاة النسوة المجردات.
وغرضنا الآن أنه إذا صلى على الميت جمعٌ كثير يقع الاكتفاء ببعضهم، فالذي ذهب إليه الأئمة أن صلاة كل واحدٍ تقع فريضة؛ إذ ليس بعضُهم بأن توصف صلاته بالفرضية أولَى من بعض، فإذا عسر التمييز والتخصيص، فالوجه القضاء بالفرضية في حق الكافة.
ويحتمل أن يقال: هو بمثابة ما لو أوصل المتوضىء الماء إلى جميع رأسه دفعةً واحدة، وقد تردد الأئمة في أن الكل يوصف بالفرضية، أم الفرض مقدار الاسم على الإبهام من الرأس، فليخرّج الأمر في الجمع على ذلك.
ولكن قد يتخيل الفطن في ذلك فرقاً؛ ويقول: مرتبة الفريضة تزيد على مرتبة السنة، وكل مصل في الجمع الكثير لا ينبغي أن يُحرَم رتبة الفرضية، وقد قام بما نُدب إليه. وهذا لطيفٌ، ثم لا يتحقق مثله في مسح الرأس أيضاً؛ فإن التطوّع بالزيادة على مقدار الفرض في مسح الرأس مشروع، والتطوّع بصلاة الجنازة ممنوع.
ثم قال الأئمة: إذا صلى قومٌ على الميت، وسقط الفرض بهم، فيجوز أن يصلِّي عليه آخرون، وإذا صلَّوا كانوا بمثابة ما لو كانوا مع الأولين في جماعة واحدة، وهذا وإن كان يتميز عن الصورة الأولى؛ من جهة ما جرى من التمييز في الترتيب، فوجهه مع ما فيه من الاحتمال الظاهر أن التطوع بصلاة الجنازة غيرُ مشروع، فإذا صح في الأخبار والآثار ترتيبُ الجماعة في إقامة الصلاة على الميت، فالوجه تنزيل المرتبين منزلة المجتمعين في جماعة واحدة.