ثم قال صاحب التقريب: صلاة شدة الخوف سببها عذر نادر؛ فإن انتهاء الأمر إلى الحالة المحوجة إلى إقامة الصلاة راكباً متردداً مستدبراً نادرٌ، ثم هذا لا يدوم، بل ينتجز الأمر (?) على القرب، ولكن مع ندور ذلك تعلقت به رخصةٌ ظاهرة، وهي صحة الصلاة من غير قضاء. هذا كلامه.
وأنا أقول: لمن كان يعد القتالَ من الأعذار النادرة، فليس كذلك؛ فإن القتال في حق المقاتلة ليس نادراً، وإن كان يعدّ حالةَ التفاف الصفوف والتحام الفريقين نادرةً في القتال، فليس كذلك؛ فإن هذا كثير الوقوع، وهو عقبى كل قتال في الغالب.
فالترتيب المرضيّ في ذلك أن يُعتمدَ النص، ثم يتلقى من فحواه ما ينبغي أولاً، فالركوب والمشي منصوصٌ عليه، ومما يفهم من فحوى النص ترك الاستقبال؛ فإن الراكب المقاتل المتردّد على حسب ما يقتضيه القتال، لا يتصور أن يلزم الاستداد (?) في جهة واحدة، وهذا يعضده قولُ ابن عمر رضي الله عنه.
والاقتصار على الإيماء مستفاد من النص أيضاً؛ فإن هيئة الركوب تقتضيه، وكثرة الضربات في [مقتولين] (?) [وأقرانٍ] (?) في الطراد، أو كثرة الأفعال الدافعة لائقةٌ بالقتال، قريبةُ المأخذ من الإيماء المستفاد من الركوب؛ فإن الاختيار إنما يفرض والصفوف قارّةٌ، وإذا التفَّت، فلا بد من توالي الضرب، أو الاتِّقاء بالحَجَفة (?) والتُّرس.
فهذا ينبغي أن يكون محتملاً، وهو الذي قطع به شيخي.
وقد نقل صاحب التقريب، والعراقيون، وأبو علي النصَّ، وهو بعيد؛ فإنه من مُتَضمن القتال في غالب الحال عند شدة الخوف.
فأما ترديد الضرب في قِرْن واحد، فقد عُد من النادر. وفيه نظر؛ فإنه قد يعم من