للصلاة، وفي معناه الزَّعقةُ والصيحة، فلا حاجة إليها، والكمِيُّ المقنع السَّكُوت أَهْيبُ في نفوس الأقران. ولو كثرت أفعالُه في قتاله، وكان يوالي بين الضربات في أقران وأشخاص، فالذي كان يقطع به شيخي أن ذلك لا يقدح في الصلاة، وقياسه بيّن، وليس احتمال ذلك لأجل شدة الخوف بأشد من احتمال الاستدبار، والاكتفاء بالإيماء، وكثرة الضربات في الأقران معتادة، ليست نادرة عند التحام الفئتين.
1542 - وذكر صاحب التقريب نصوصاً للشافعي دالة على أن كثرة الأفعال تبطل، وتوجب قضاء الصلاة، ونقل من النص توجيهَ ذلك، وذاك أنه قال: إقامةُ الفريضة راكباً وماشياً ومستدبراً من الرّخص الظاهرة، والقدْر الذي أشعر به نصُّ القرآن الركوب والمشي، قال الله تعالى: {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] وانضم إلى ذلك تفسير ابن عمر حيث قال: "مستقبلي القبلة وغير مستقبليها"، فالزيادة على هذا مجاوزةٌ للنص في محل لا مجال للقياس فيه.
وذكر العراقيون هذا قولاً للشافعي، كما ذكره صاحب التقريب، وذكره الشيخ أبو علي في الشرح.
1543 - وسأذكر في ذلك قولاً الآن قاله الأئمة في التفريع على ظاهر المذهب، وهو أن كثرة الأفعال في الأشخاص والأقران المتعددين لا يضر، ولو ردد ذلك الضربَ في قِرن واحد ثلاث مرات، فقد بلغ الفعل في محل واحد حدَّ الكثرة وِلاءً، وهذا مبطل للصلاة؛ فإنَّ ذلك في المحل الواحد نادر، فلا يعد مما يظهر مسيس الحاجة إليه.
وأنا أقول: قد ذكر صاحب التقريب في كتاب الطهارة تقاسيم حسنة في الأعذار التي تُسقط قضاء الصلاة، والتي لا تُسقط، والتي يختلف القول فيها، وقد سقتها أحسن سياقة، وغرضي الآن منها أني أجريتُ في التقاسيم قواعدَ هي المرعية، وهي النظر إلى انقسام الأعذار إلى ما يعم، وإلى ما يندر فيدوم، وإلى ما يندر ولا يدوم، ثم العذر العام، والنادر الدائم، يتضمنان إسقاطَ القضاء، والعذر النادر الذي لا يدوم ينقسم القول فيه إلى اختلال لا بدل فيه، وإلى خلل فيه بدل.