"أما ترتيبه ووضعه (أي كتاب أسد الغابة) فإني جعلته على حروف (أ. ب.
ت. ث)، ولزمت في الاسم الحرفَ الأول والثاني والثالث، وكذلك أيضاً في اسم
الأب والجد، ومَن بعدهما، والقبائل أيضاً، مثاله:
إنني أقدم (أبان) على (إبراهيم)؛ لأن ما بعد الباء في (أبان) ألف، وما بعدها في (إبراهيم) راء، وأقدم إبراهيم بن الحارث على إبراهيم بن خلاد، لأن (الحارث) بحاء مهملة و (خلاد) بخاء معجمة، وأقدم (أبان العبدي) على (أبان المحاربي).
وكذلك أيضاً فعلت في التعبيد (يعني فيما بُدىء بعبد من الأسماء) فإني ألزم الحرف الأول بعد (عبد) وكذلك في الكنى، فإني ألزم الترتيب في الاسم الذي بعد (أبو)؛ فإني أقدم (أبا داود) على (أبي رافع). وكذلك في الولاء فإني أقدم (أسود مولى زيد) على (أسود مولى عمرو).
وإذا ذكر الصحابي ولم يُنسب إلى أبٍ بل نسب إلى قبيلة، فإني أجعل القبيلة بمنزلة الأب، مثاله: (زيد الأنصاري) أقدمه على (زيد القرشي)، ولزمت الحروف في جميع أسماء القبائل .... ".
ثم ذكر شيئاً من الخلاف بينه وبين من سبقه قائلاً:
"وقد رأيت جماعة من المحدِّثين إذا وضعوا كتاباً على الحروف يجعلون الاسم الذي أوله (لا) مثل (لاحِق) و (لاهز) في بابٍ مفرد عن حرف اللام، وجعلوه قبل (الياء)، فجعلته أنا من حرف اللام، في باب اللام مع الألف، فهو أصح وأجود ... إلخ " (?).
هذا المنهج الواضح المفصل الذي وضعه ابنُ الأثير في مقدمة كتابه، والتزمه بكل دقة شاهدٌ من الشواهد الكثيرة الناطقة بسبق المسلمين وابتكارهم في مجال الفهارس.
* وأبلغ من ذلك أيضاً أنهم عرفوا نظام الإحالات، تجد هذا عند النووي في (تهذيب الأسماء واللغات) ففي باب الكنى والألقاب، يذكر بعضها قائلاً: