المعجم، وقد كان هذا مبكراً جداً، فأقدم كتاب معروف في رجال الحديث مرتب على الحروف صنعه الإمام البخاري المتوفى سنة 256هـ، وهو كتاب (الضعفاء الصغير) وهو مطبوع على الحجر طبعة قديمة (?).
وبعده (كتاب الضعفاء والمتروكين) للنسائي المتوفى 303هـ.
ثم ألف العلماء ما لا حصر له من الكتب في التراجم على اختلاف أنحائها ومراميها، مرتبة على حروف المعجم، وأول من عُني بذلك علماء الحديث، فقد صنعوا ما لم يصنعه أحد، ووصلوا إلى ما لم يصل إليه أحد.
وها هي كتب رجال الحديث وضعت على معنى الفهارس؛ فإنك تجدهم يذكرون الراوي المترجم، ويذكرون أين روايته من الكتب، أي تقع في أي كتاب، واخترعوا لذلك رموزاً تؤدي هذا بإيجاز عبقري، فمن وُضع أمام اسمه (ع) معناها أن له رواية في جميع الكتب الستة، ومن وضع أمام اسمه (4) معناه أن روايته في السنن الأربعة، وهكذا.
بل إنهم يذكرون موضع حديث الراوي من الكتاب الذي روى فيه إذا لم يكن للراوي إلا حديث أو حديثان، مما يدلك على أنهم يتشوّفون للفهرسة، ولكن قلة الأدوات والآلات والإمكانات لم تسمح بغير ذلك القدر، فلم تكن الطباعة معروفة بعدُ، وكان الكاغد باهظ الثمن، وكانوا يصنعون الأقلام والأحبار لأنفسهم (?).
ابن الأثير الثاني:
وفي هذا الباب أعني فهرسة الأعلام، وجدنا إبداعاً يستحق التنويه لواحدٍ آخر من الكَمَلة الثلاثة أبناء الأثير، وهو عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد المتوفى 630 هـ؛ فقد ألف كتابه الشهير (أُسد الغابة في معرفة الصحابة) ورتبه على حروف المعجم، ولكن المعجب في العمل هو شرحه لمنهجه في الترتيب، فقد جاء في مقدمته قوله: