قامت بينة صاحبه عليه ثانياً؛ لأنه أقامها قبل الاحتياج إلى الدّفع، وهذا بناء منه على المذهب الظاهر في أن بينة صاحب اليد لا تسمع قبل مسيس الحاجة، وهو منْقدِح حسن لا بحث فيه، وقد انتجز مقدار الغرض في القسم الثاني. فأما
القسم الثالث (?)
12226 - فمضمونه كلام، فيه إذا ادعى رجلان شيئاً في يد ثالث، ادعى كل واحد منهما لنفسه بكماله، وأقام كل واحد منهما بينة على حسب دعواه، ففي المسألة قولان في الأصل: أحدهما - أن البينتين تتساقطان وتتهاتران، والرجوع بعد سقوطهما إلى يمين المدعى عليه. والقول الثاني - أن البينتين تُستعملان.
ثم إذا قلنا بالاستعمال، ففي كيفية الاستعمال ثلاثة أقوال: أحدها - أنا نقرع بين الخصمين، فمن خرجت له القرعة، قضينا له بما ادعاه، وخاب صاحبه، وعلى هذا القول هل يحلف من خرجت له القرعة ضماً لليمين إلى القرعة؟ فعلى قولين. والقول الثاني -من الأقوال الثلاثة- أن البينتين تستعملان بالوقف إلى أن يصطلحا. والثالث - أن المدعى يقسم بينهما نصفين، إذا كان المدعى قابلاً للقسمة. ولسنا نعني بقبول القسمة في هذا الباب قبول التبعيض ظاهراً؛ فإن المدعى لو كان عبداً أو دُرّةً مثلاً، فليس قابلاً للانقسام من طريق الحسّ والعِيان، ولكن المعنيّ بالانقسام في هذا الباب أن إضافة النصف إلى ملك كل واحد ممكن لا استحالة فيه مع الشيوع، فهذا هو المراد في قولنا: " إذا كان المدعى مما يتصور انقسامه ". ولا يخفى ما ذكرناه على الناظر، إن شاء الله.
12227 - وعلينا بعد هذا أن نتكلم في نوعين: أحدهما - في كلام الأصحاب في