يقترن بالتندم، [ولا يهنأ] (?) صاحبه بلذة في المعصية، بل يُنَغص عليه كلَّ لذة تنال نفسه في المعصية، ومن هذا يلتحق الإصرار -على ما يسمى صغائر- بالكبيرة، ويُخرَّج على ما مهدناه أن الموبقات لا تكون نوادر؛ فإنه لا يستجزىء عليها إلا جسور، سبقت طمأنينة نفسه إلى أمثالها، وإلى المعنى الذي ذكرناه أشار المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ قال: " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم " (?).
وقد ذكر بعض الأتقياء في هذا كلاماً واقعاً، فقال: معصية التقيّ كعثرة الجواد ونبوة الصارم، فإن دام العِثار، فعن ظَلْعٍ (?) وكلال، وإن دامت النَبوة فعن انفلال.
12122 - ونحن نتمم غرضنا في الشهادة، فنقول: إن كنا نطلب عدالةً ابتداءً، وظهر لنا ما يغلب على الظن استهانةً، فالجَرْحُ، [وإن] (?) ترددنا فالوقْف، وإن ظهر لنا تحرج وتعظيم للدين، فالتّعْديل.
وإن تقدمت عدالة، فظهر نقيضها، فالجرح، وإن لم يظهر نقيضها، وطرأ تردد، فهذا موضع وقف القضاة، إذا رابهم أمر فيتحرجون، فإن لم يستبينوا واضطروا، قَضَوْا.
فإن قيل: هلا توقفوا حتماً؟ قلنا: لأن العدالة الماضية تنفي استواء الظن؛ فإنه لا يليق بالعدل الرضا ما نحسبه، وهذا يرجع إلى أنه إذا قضى، فهو باقٍ على غلبة الظن في استصحاب العدالة. هذا قولنا في تقريب الضبط فيما يتعلق بالمخالفات.
12123 - فأما المروءة، فحقها أولاً أن تُفْصَلَ عن مقارفة الذنوب، وتُحصَرَ فيما لا يَحْرُم في نفسه، ولو أقدم عليه المقدِم، لم يأثم ولم يُعصَّ -وإن أطلقنا في بعض الأحوال الكراهية- على ما ستأتي المسائل، إن شاء الله.
فالضابط في هذا الفصل يقرب من الضابط فيما تقدم، فكل انحلال عن عصام