يثبت إذا (?) قال: أبرأتني عن الدعوى. والدعوى تنقسم حقاً وباطلاً، فدعوى الإبراء عن الدعوى إنما هي دعوى في شيء غير صحيح.

وعلى مذهب الأصطخري لو سمعنا هذه الدعوى، فنقول: يصح الإبراء عن الدعوى لو صدر من المدعي، فلو أقام المدعى عليه البينة على إبراء المدعي عن الدعوى، بطل حق المدعي، حتى لو أراد المدعي أن يقيم البينة على الحق، لم تقبل منه، وإن نكل المدعي عن اليمين، وحلف المدعى عليه على إبرائه، ثبت مقصوده، وانقطعت الدعوى.

ولو ادعى مالاً وصحت (?) الدعوى، فقال المدعى عليه: قد أبرأني عن هذا المال، فهذا إقرار منه بالمدعَى؛ فإن الإبراء من ضرورته تقدم الحق عليه، فقد اعترف بالحق، وادعى على مستحِقه إسقاطَه، فيطالَب بإقراره، وله الدعوى.

ثم في كلام القاضي ما يدل على أن المدعى عليه إذا ادعى إبراءً عن الحق، أو إيفاءً، فهو مطالب بالحق. يقال له: أدّ ما لزمك، ثم استفتح دعواك.

وهذا لا أعرف له وجهاً. والأصحاب مجمعون على خلافه. وكيف يطالب المدعى عليه بإيفاء الحق، ودعواه مسموعة في الإيفاء، وفصلها ممكن في الحال بتحليف المدعي؟ نعم، لو ادعى الإبراءَ، وقال: لي بينة، فأمهلوني في إقامتها إياها، فلا نمهله الآن، ونقول: أدّ ما ثبت عليك، أو اقنع بتحليف صاحبك على نفي الإبراء، ثم أدّ، وإن كان لك بيّنة، فأقمها من بعدُ. ونحن نُتبع (?) الحكم، وله -إن صدق- أن يصابر الحبس أياماً معدودة ليحضر بيّنته.

وهذه الصورة الآن تناظر مسألة وكيل الغائب في الحكم، فإذا حضر وكيلٌ، وأثبت حقاً لموكله على خصمه، فقال المدعى عليه: قد أبرأني موكلك، فنقول له:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015