وذهب بعض أصحابنا إلى تخريج هذه المسائل كلها على وجهين مأخوذين من دعوى الدَّيْن المؤجل؛ فإن غرض المملوك دعوى سبب يُفضي إلى خلاصه من الرق في ثاني الحال (?).
وهذا غير سديد؛ فإن التعليق والتدبير والاستيلاد حقوق ثابتةٌ في الحال، يجوز تعليق الدعوى بها، وهذا يظهر جداً في الاستيلاد؛ فإنه يتنجّز به لو ثبت امتناعُ البيع والرهنِ، وفي دعوى التدبير فضل نظر، فأما إن جوّزنا الرجوع عن التدبير، فإنكار المولى يجوز أن يجعل رجوعاً، كما سيأتي، وإذا كان في تقدير الإنكار إبطال الدعوى، فلا معنى لتصبح الدعوى، وإن قلنا: لا يصح الرجوع عن التدبير، فيتجه حينئذ تصحيح الدعوى.
فرع:
12097 - ذكر صاحب التقريب في تضاعيف كلامه في أثر قضاء القاضي ووجوب اتباعه حكماً متعلقاً بالفتوى، فقال: لو نكح رجل امرأة، ثم استفتيا مفتياً فأفتى لهما بفساد النكاح، والمسألة مجتهدٌ فيها، فهل تبين المرأة عن الرجل بفتوى المفتي؟ ذكر وجهين: أحدهما - أن المرأة لا تبين، وإن وقع الرضا بالفتوى، وإنما ينقطع النكاح بقضاء القاضي. والوجه الثاني - أن النكاح ينقطع؛ فإن اتباع الفتوى حتم على المقلِّد، وذكر وجهاً ثالثاً مفصلاً - فقال: إن صحَّحَ النكاح قاضٍ، لم يرتفع بالفتوى، وإن لم يتصل تصحيحه بقضاء قاض يرتفع بالفتوى، ولست أخوض في تفصيل ذلك، فإنه من أحكام الفتاوي، وهو من فن الأصول، وقد جمعت في الاجتهاد والفتوى كلاماً شافياً كافياً، فليطلبه مريده من مجموعنا فيه (?).
...