الرجل يميناً فاجرة، وعقبها بالاستثناء بحيث يُسمع نفسه، فلا حكم للاستثناء أصلاً ظاهراً وباطناًً، وهذا مما اتفق الأصحاب عليه، ولولاه لما انتظم [مقصود] (?) في تحليف؛ فإن أحداً لا يعجز عن هذا.
وقال القاضي: لا ينفعه الاستثناء في الظاهر، وينفعه فيما بينه وبين الله في وجوب الكفارة، وهذا كلام سخيف لما ذكرته، ومحل السؤال منه أنه لو أسمع القاضي الاستثناء، فلا خلاف أنه لا يعتدّ بيمينه، بل تُعاد، وقد يقول الفطن: لو كان الاستثناء في مفصل القضاء لا يُبطل اليمين، لما كان إظهاره مبطلاً، وهذا خيال ووهم؛ فإن القاضي طلب منه يميناًً جازمة، والذي جاء به ليست اليمين المطلوبة؛ فإعادة اليمين لهذا، وأيضاً فإن ما يقوله المرء في نفسه من غير أن يظهره لأهل المجلس، فهو الذي لا يبالَى به، ولا يقضى بأنه يغيّر أمراً في الظاهر والباطن، والعلم عند الله تعالى.
فرع:
12096 - إذا ادعى ديناً مؤجلاً على إنسان، ففي سماع دعواه وجهان: أحدهما - أنها لا تسمع؛ فإن الدعوى إنما تتم وتنتظم إذا اتصلت بمطالبة المدعى عليه، ولا يتصور الطلب في الدين المؤجل قبل محل الأجل. والوجه الثاني - تُسمع الدعوى، لأنه يستفيد بها إثباتَ حقه، فقد يقرّ المدعى عليه، فيسجِّل على إقراره، وإذا ثبت الدين مؤجلاً، كان مالا معتدّاً له، ولو مات من عليه الدين، حل بموته.
ومن أصحابنا من فَصَلَ بين أن يكون للمدعي بيّنة وبين ألا يكون، فقال: إن كانت له بينةٌ، سُمعت دعواه وبيّنته، ويستفيد به ثبوتَ الحق والأمنَ من ضياع البيّنة؛ فإن الشهود ربما لا يبقون إلى حلول الحق، وإذا لم يكن بينة، لم تسمع الدعوى، فحصلت ثلاثة أوجه.
وإذا ادعت الجاريةُ على مولاها الاستيلادَ، فالمذهب القطع بأن دعواها مسموعة، وكذلك إذا ادعى العبد التدبيرَ، أو ادعى تعليقَ العتق بالصِّفة.