...
الباب الثاني: فيما لا بد للحكم منه وهو الحاكم والمحكوم عليه وبه
قال: "الباب الثاني: فيما لا بد للحكم منه وهو الحاكم والمحكوم عليه وبه, وفيه ثلاثة فصول ":
الفصل الأول: في الحكم
وهو الشرع دون العقل لما بينا من فساد الحسن والقبح العقليين في كتاب المصباح" أقول: أركان الحكم ثلاثة: الحاكم، والمحكوم عليه، والمحكوم به؛ فلذلك ذكر المصنف في هذا الباب ثلاثة فصول لكل منها، الفصل الأول في الحاكم وهو الشرع عند الأشاعرة, فلا تحسين ولا تقبيح إلا بالشرع، واعلم أن الحسن والقبح قد يراد بهما ملاءمة الطبع ومنافرته كقولنا: إنقاذ الغرقى حسن، وأخذ الأموال ظلما قبيح، وقد يراد بهما صفة الكمال وصفه النقص، كقولنا: العلم حسن والجهل قبيح، ولا نزاع في كونهما عقليين, كما قال المصنف في المصباح تبعا للإمام وغيره، وإنما النزاع في الحسن والقبح بمعنى ترتيب الثواب والعقاب، فعندنا أنهما شرعيان، وذهبت المعتزلة إلى أنهما عقليان بمعنى أن العقل له صلاحية الكشف عنهما وأنه لا يفتقر للوقوف على حكم الله تعالى إلى ورود الشرائع لاعتقادهم وجوب مراعاة المصالح والمفاسد، وإنما الشرائع مؤكدة الحكم للعقل فيما يعلمه العقل بالضرورة كالعلم بحسن الصدق النافع أو بالنظر كحسن الصدق الضار،