فهو واجب، وأما الفقهاء فقال كثير منهم: يجب الصوم على الحائض والمريض والمسافر لوجهين أحدهما: أنهم شهدوا الشهر وشهود الشهر موجب للصوم لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] الثاني: أن القضاء يجب عليهم بقدر ما فاتهم فوجب أن يكون بدلا عنه كغرامة المتلفات, والجواب عن الأول: أن شهود الشهر إنما يكون موجبا عند انتفاء الأعذار المانعة من الوجوب والعذر ههنا قائم؛ فلذلك امتنع القول بالوجوب, وعن الثاني: أن القضاء يتوقف على سبب الوجوب، وهو دخول الوقت لا على وجود الوجوب إذ لو توقف على نفس الوجوب لما كان قضاء الظهر مثلا واجبا على من نام جميع الوقت؛ لأنه غير مكلف بالظهر في حال نومه لامتناع تكليف الغافل، والإمام وأتباعه لم يجيبوا عن هذين الدليلين كما أجاب المصنف, بل انتقلوا إلى المعارضة بما هو أقوى وهو جواز الترك كما قرره المصنف أولا وقوله: وقال الفقهاء: وهي عبارة صاحب الحاصل، والصواب عبارة الإمام في المحصول والمنتخب, فإنه قال: وقال كثير من الفقهاء، ثم قال بعد ذلك: وعندنا أنه لا يجب على الحائض والمريض أصلا, وأما المسافر فيجب عليه صوم أحد الشهرين، إما رمضان أو شهر غيره أيهما أتى به كان هو الواجب كما في خصال الكفارة, هكذا قال في المحصول والمنتخب وفيه نظر، فإن المريض أيضا يجوز له الصوم فيكون مخيرا, وإذا كان مخيرا فيكون كالمسافر إلا أن يفرض ذلك في مريض يقضي به الصوم لهلاك نفسه أو عضوه, فإنه يحرم عليه الصوم، قال الغزالي في المستصفى: فلو صام والحالة هذه فيحتمل أنه لا يجزئه؛ لأنه حرام ويحتمل تخريجه على الصلاة في الدار المغصوبة.