قال: "المسألة السابعة: الواجب به وبغيره, فكل واحد من الواجب والمندوب لا يجوز تركه. قال الكعبي 1: فعل المباح ترك الحرام وهو واجب قلنا: لا, بل به يحصل وقالت الفقهاء: يجب الصوم على الحائض والمريض والمسافر؛ لأنهم شهدوا الشهر وهو موجب وأيضا عليهم القضاء بقدره قلنا: العذر مانع والقضاء يتوقف على السبب لا الوجوب, وإلا لما وجب قضاء الظهر على من قام جميع الوقت" أقول: قد عزمت فيما تقدم أن الوجوب هو اقتضاء الفعل مع المنع من الترك فيستحيل كون الشيء واجبا مع كونه جائز الترك لاستحالة بقاء المركب بدون جزئه، وذكر المصنف ذلك توطئة للرد على طائفتين, إحداهما: الكعبي وأتباعه, والثانية: الفقهاء، فأما الكعبي فادعى أن المباح واجب كونه جائز الترك، واستدل بأن فعل المباح ترك الحرام وترك الحرام واجب فينتج أن فعل المباح واجب. قوله: "قلنا: لا" أي: لا نسلم أن فعل المباح هو نفس ترك الحرام قال في الحاصل: لأن فعل المباح أخص من ترك الحرام، وتقريره أنه يلزم من فعل المباح ترك الحرام, ولا يلزم من ترك الحرام فعل المباح لجواز تركه بالواجب والمندوب، ففعل المباح أخص من ترك الحرام والأخص غير الأعم فلا يكون المباح ترك الحرام، بل هو شيء يحصل به تركه لما بينا أنه قد يحصل والمباح والمكروه وسيلة لترك الحرام، وإذا كان للواجب وسائل فيجب واحدة منها لا بعينها, لا واحدة بخصوصها، فلا يتعين خصوص المباح للوجوب فيبطل دعوى الكعبي، وهكذا أجاب به الإمام وهو ضعيف؛ لأنه يلزم منه أن يكون المباح واجبا على التخيير, والواجب على التخيير واجبا على الجملة، وكل فرد يقع منه يكون واجبا بلا خلاف كما تقدم في خصال الكفارة، لكن تخصيص الكعبي بالمباح لا معنى له, بل يجري في غيره حتى في المكروه، ولأجل ضعف هذا الجواب قال الآمدي وابن برهان وابن الحاجب: إنه لا مخلص مما قاله الكعبي مع التزام أن ما لا يتم الواجب إلا به