زكاة, وقد ذكر في البرهان ما يقتضيه، لكن نقل الآمدي وابن الحاجب وغيرهما عن هذا القائل أنه يقع نقلا, وهذا المذهب باطل؛ لأن التقديم لا يصح بنية التعجيل إجماعا. كما قاله ابن التلمساني في شرح المعالم فبطل كونه تعجيلا، والثالث وهو رأي الكرخي من الحنفية: أن الآتي بالصلاة في أول الوقت إن أدرك آخر الوقت وهو على صفة التكليف كان ما فعله واجبا، وإن لم يكن على صفته بأن كان مجنونا أو حائضا أو غير ذلك كان ما فعله نفلا، هكذا في المحصول والمنتخب وغيرهما، ومقتضى ذلك أن صفة التكليف لو زالت بعد الفعل وعادت في الوقت يكون أيضا فرضا وكلام المصنف يأباه؛ لأنه شرط بقاءه على صفة الوجوب إلى آخر الوقت، وسبقه الآمدي وصاحب الحاصل وابن الحاجب إلى هذه العبارة، ونقل الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع1 عن الكرخي أن الوجوب يتعلق بوقت غير معين ويتعين بالفعل, ففي أي وقت فعل يقع الفعل واجبا، ونقل عنه القولين معا الآمدي في الأحكام. قوله: "احتجوا" أي: احتجت الحنفية على اختصاص الوجوب بآخر الوقت بأنه لو وجب في أوله لما جاز تركه, لكنه يجوز إجماعا, فانتفى أن يكون واجبا, والجواب ما قاله في المحصول وأشار إليه المصنف أن الوجوب الموسع في التحقيق يرجع إلى الواجب المخير؛ لأن الواجب الأداء في وقت ما، أما أوله أو وسطه أو آخره فجرى مجرى قولنا في الواجب المخير: إن الواجب إما هذا أو ذاك, فكما أنا نصفها بالوجوب على معنى أنه لا يجوز الإخلال بجميعها ولا يجب الإتيان به فكذلك هذا، فتلخص أن المكلف مخير بين أفراد الفعل في المخير وبين أجزاء الوقت الموسع، ونحن لم نوجب الفعل في أول الوقت بخصوصه حتى يورد علينا جواز إخراجه عنه، بل خيرناه بينه وبين ما بعده.

قال: "فرع: الموسع قد يسعه العمر كالحج وقضاء الفائت, فله التأخير ما لم يتوقع فواته إن أخر لكبر أو مرض" أقول: هذا التقسيم في الواجب الموسع مبني على ثبوته؛ فلذلك جعله فرعا، وحاصله أن الواجب الموسع قد يسعه العمر جميعه كالحج وقضاء الفائت أي: إذا فات بعذر، فإن فات بتقصير فالمشهور وجوب فعله على الفور، وحكم الموسع بالعمر أنه يجوز له التأخير من غير توقيت اللهم إلا أن يتوقع فوات ذلك الواجب، أي: يغلب على ظنه فواته كما صرح به في المحصول، قال: فإن توقع أي: ظن الفوات إما لكبر سن أو مرض شديد حرم التأخير عند الشافعي، وما قاله في المرض مسلم وهو معنى قول الأصحاب في الفروع: إنه إذا خشي الضعف يتضيق عليه الحج على الصحيح, وأما ما قاله في الشيخ فممنوع, بل جوز أصحابنا التأخير مطلقا وجعلوا التفصيل بين الشيخ والشاب وجها ضعيفا في العصيان بعد الموت, وصححوا أنه

يعصي مطلقا، وقيل: لا مطلقا، وقيل بهذا التفصيل والإمام اعتمد في هذه المقالة على المستصفى للغزالي، فإنها مذكورة فيه، وقوله: لكبر أو مرض متعلق بقوله: يتوقع فواته, ويؤخذ منه أنه لا يحرم عليه التأخير إذا لم يظن الفوات أصلا أو ظنه, لكن لا لكبر أو مرض بل لغيرهما من الأسباب التي لا أثر لها شرعا كالتنجيم والمنام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015