الآمدي، ولأصحابنا فيها وجهان حكاهما الماوردي في الحاوي وغيره، والصحيح هو الوجوب وصححه النووي في شرح المهذب وغيره, ونقل الأصفهاني في شرح المحصول عن القاضي عبد الوهاب المالكي أنه قول أكثر الشافعية. قوله: "وإلا لجاز" أي: احتج الذاهب إلى وجوب العزم أنه لو جاز الترك في أول الوقت بلا عزم مع قولنا بوجوبه في أول الوقت, كان يجوز ترك الواجب من غير بدل وهو محال، ورده المصنف بوجهين, أحدهما: أن العزم لا يصلح أن يكون بدلا عن الفعل؛ لأنه لو صلح بدلا لتأدى الواجب به لأن بدل الشيء يقوم مقامه، وإذا لم يصلح للبداية، فقد لزم جواز ترك الواجب بلا بدل، الثاني: أنه إذا عزم في الجزء الأول من أجزاء الزمان على الفعل فلا يخلو إما أن يجب العزم في الجزء الثاني أيضا أو لا يجب, فإن لم يجب فقد ترك فإن الواجب بلا بدل ويلزم أيضا التخصيص من غير مخصص، وإن وجب فقد تعدد البدل وهو الإعزام مع أن المبدل واحد فإن قيل: قد يكون صالحا للبدل في ذلك الوقت لا مطلقا, فإذا أتى بالبدل في هذا الوقت سقط عنه الأمر بالأصل في هذا الوقت لا في كل الأوقات. قال في المحصول: هذا ضعف؛ لأن الأمر لا يفيد التكرار بل لا يقتضي الفعل إلا مرة واحدة، فإذا صار البدل قائما مقام الأصل في هذا الوقت فقد صار قائما مقامه في المرة الواحدة فيلزم الاكتفاء به. قال في البرهان: والذي أراه أنهم لا يوجبون تحديد العزم في الجزء الثاني، بل يحكمون بأن العزم الأول ينسحب على جميع الأزمنة المستقبلة كانسحاب النية على العبادة الطويلة مع عزوبها، وهذا الذي قاله فيه تبيين لمذهبهم وجواب عما قاله المصنف، وهذان المذهبان متفقان على الاعتراف بالواجب الموسع، والثلاثة الآتية منكرة له. قوله: "ومنا من قال ... إلخ" شرع في ذكر المذاهب الثلاثة المنكرة للواجب الموسع، أحدها: أن الوجوب يختص بأول الوقت, فإن فعله في آخره كان قضاء لقوله -صلى الله عليه وسلم: "الصلاة في أول الوقت رضوان الله, وفي آخره عفو الله" 1 والمراد بقوله: ومنا أي: ومن الشافعية, صرح به الإمام في المعالم خاصة، فإن عبارة المحصول والمنتخب ومن أصحابنا, وهذا القول لا يعرف في مذهبنا ولعله التبس عليه بوجه الإصطخري حيث ذهب إلى أن وقت العصر والعشاء والصبح يخرج بخروج وقت الاختيار، نعم نقله الشافعي في الأم عن المتكلمين فقال: وقال قوم من أهل الكلام وغيرهم ممن يفتي ممن يقول: إن وجوب الحج على الفور أن وجوب الصلاة يختص بأول الوقت حتى لو أخره عن أول وقت الإمكان عصى بالتأخير, وهذا يحتمل أيضا أن يكون سبب هذا الغلط, والثاني: أن الوجوب يختص بآخر الوقت, فإن فعل في أول الوقت كان تعجيلا ويصير كمن أخرج الزكاة قبل وقتها، ومقتضى هذا الكلام أن تقع الصلاة نفسها واجبة ويكون التطوع إنما هو التعجيل كمن عجل دينا أو